الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى ال وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وقد لاحظت التماسك التام بين السيرة الشخصية لرسول الله، ودعوة الناس للإسلام لدرجة أنى وجدت أنه ما من عمل قام به رسول الله إلا وهو تأسيس لحركة الدعوة إلى الإسلام، فصمته، وابتسامته، ونومه، ومشيه، وتوقفه ... وسيرته قبل البعثة، والبيئة التى ولد بها، ونشأ، وتربى فيها ، وجدتها وثيقة الصلة بالدعوة، لأنها تمثل المحيط الذى وجد فيه رسول الإسلام، وتعرف بالواقع الذى تعامل معه رسول الله، وتصور المعوقات التي واجهها محمد، وهو يدعو إلى الله تعالى، والدعائم التي استند إليها .
فقد آثرت الإبقاء فى هذه الطبعة على الكتابة عن السيرة، والدعوة معاً كخطين متوازيين، يكمل أحدهما الآخر، وتصورت الأمة الإسلامية قطاراً يحتاج إلى الخطين معاً ... وفى وقت واحد لتسير، وتتقدم أريد بهذا التناول التأكيد على أن تكون حركة الدعوة فى حياة المسلمين هدفاً مقصوداً لكل مسلم ، فما وجد الرسول إلا للدعوة، وما كانت رسالته إلا البلاغ ، والإرشاد ... وفى نفس الوقت أتمنى أن تستمر سيرة المصطفى ناصعة فى العقول ، شاهدة على عظمة محمد، ودليلاً على كينونته قرآناً فى صورة عملية تطبيقية، إنى هنا أكتب عن الدعوة متخصصاً، وأقدم السيرة من خلال هذا التخصص، فلقد كتب كثيرون عن (الطب النبوى)، و(علم النفس في حياة رسول الله )، و(الجانب الحركي للسيرة)، و(بناء الدولة المسلمة فى العهد المدنى)، و(الحياة الأسرية لـ محمد) ... وكل هذه كتابات متخصصة فى فرع من فروع العلم .