في الفصل السابق كان الحديث عن أصول الدعوات الإلهية ، وقد وضعته قبل هذا الفصل الذي جعلته للدراسة التفصيلية في أصول الدعوة الإسلامية ، لما بينهما من صلة ، أرى ضرورة إبرازها ، وبيان ما في الربط بينهما من فائدة إن أصول المدين لسائر دعوات الله بما فيها الدعوة الإسلامية واحدة ، والإيمان بذلك يؤدى بالضرورة إلى عدة نتائج مهمة .
أولاً : الإيمان بأحد دعوات الله تعالى يؤدى بالضرورة إلى الإيمان بسائر الدعوات السابقة ، واللاحقة للدعوة التي آمن بها صاحبها .... ذلك أن الإيمان بفكرة نظرية ، وتصديق ما جاء فيها ، يتحول إلى إيمان مجرد بالفكرة ، بلا ارتباط بمن ظهرت على يديه ، كالمسألة الرياضية فإنها تتحول إلى نظرية مسلمة ، وإن لم يعرف واضعها ... فالمؤمن بوحدانية الله مؤمن بالله تعالى ، وبذلك فهو مصدق بسائر دعاة التوحيد .... ولا يصح منه ولا يجوز أن يؤمن برسول ، ويكفر بغيره
ثانياً : يصير الإيمان بالدعوة الإسلامية أمراً. ملزماً لسائر المؤمنين السابقين ، لو كانوا صادقين ... و لاحجة لهم أن يكفروا بدعوة توحيدية ... وهم يدعون التوحيد ، لأن هذا تناقض في الفكرة المواحدة ..... أما إذا كان تصورهم للتوحيد باطلاً .. فإن هذا يؤدى بهم إلى الكفر بالتوحيد الصحيح ، لأنهم في الحقيقة لا يعرفونه وبالتالي فهم يعارضونه
ثالثاً : تؤكد الدعوات الإلهية كما صورها القرآن الكريم أنها تمهيد لدعوة الإسلام وهذا يساعد الناس على الإيمان بالدعوة الإسلامية ، وبالتالي يساعد الناس على الإيمان بالله تعالى
رابعاً : يجلى هذا الواقع الحقيقة أمام الداعية المسلم ، لأن رسل الله، وهم رواد الدعاة ، وقادتهم جوبهوا بمعارضات ساقطة ، لكنها عنيفة طاغية ، بسبب تسلط الطغاة على الناس، وصدهم عن سبيل الله تعالى .... وعلى نمطهم يجب أن يتحمل الدعاة ، ويصبروا ، ويعملوا .
خامساً : تقدم الدعوات السابقة رصيداً هائلاً للدعوة الإسلامية فلقد كشفت عادات المعارضين ، ونفسياتهم ، وطبائعهم ، وعرفت بأساليب ، وطرق دعوتهم ، ورسمت صورة الداعية في أسمى ، أوضاعها ، وأبهى حللها ... وذلك شأن يفيد الإسلام ، والدعاة