Scalable business for startups

401 Broadway, 24th Floor New York, NY 10013.

© Copyright 2024 Crafto

مؤلفات
أ.د. أحمد أحمد غلوش

قواعد علم الخطابة وفقه الجمعة والعيدين

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ... فقد عاشت الأمة العربية ربيعها الحديث في عام ۲۰۱۱م وشهدت تونس ومصر ، واليمن ثورة مباركة خلصتهم من الظلم والطغيان ، وأعادتهم إلى الحياة الكريمة الحسنة، وأظهرت هذه الثورات أهمية الخطابة في الحياة حيث كان للخطباء دور باز في إيقاظ الوعى ، وتفهيم الناس، واني إذ أعيد طيع مؤلفى هذا للمرة الثالثة اشكر الله على ما أنعم وهدى، وأنادى الدعاة ليهتموا بمخاطبة الناس بالحسنى حتى يتمكنوا من قيادة الناس إلى الله تعالى بطريقة علمية صحيحة ... اسأل الله تعالى أن يوفق الجميع للخير ، ويهدى إلى سواء السبيل 

01
الفصل التمهيدي: المدخل إلى قواعد علم الخطابة

التصور العام للعلم من مقدمات دراسة أى علم من العلوم ، ولذلك احتاج الأمر ونحن في مجال تقديم دراسة عن علم الخطابة وقواعدها أن ندرس في هذا الفصل التمهيدى عددا من المسائل التي تساعد في تصور علم الخطابة، وأهميته، وصلته بالعلوم الأخرى ودوره في الحضارات القديمة والحديثة، وهذا المدخل ضرورى لعلم الخطابة ، لأن كثيرا من الناس لا يعده علما ويتصوره تدريبا عمليا لفطرة مستعدة ، وممارسة حركيه توجدها المناسبات، والوقائع المختلفة

وقد ساعد هذا التصور على البقاء ندرة الدراسة في علم الخطابة حين نقارنه بسائر العلوم الإنسانية والإسلامية كالتفسير والحديث، والتاريخ والاجتماع، ولهذا كانت ضرورة المدخل لتأكيد الحقيقة العلمية للخطابة، لنقف من خلالها على تعريف العلماء للخطابة ونناقشهم في تعريفاتهم لننتهي إلى تعريف صحيح للخطابة، ونشرحه، ولنعرف كذلك أهمية الخطابة للدعوة الإسلامية، ودورها مع سائر العلوم والأساليب الأخرى .

02
الباب الأول: قواعد علم الخطابة

علم الخطابة له موضوعه الذي يتخذه مجالا للدراسة والبحث، وله هدفه الذي يعمل لتحقيقه والوصول إليه، وفي العصر الحديث لم يعد الأمر قابلا للصدفة والتلقائية بالنسبة للخطابة لما لها من أهمية في حركة المجتمع والناس. إن العالم ملئ بالمساجد التي تحتاج لخطباء علماء يجيدون فن التأثير، ويجمعون الإيمان والعلم ، وحب العمل لنشر الإسلام ، وتبليغ دين الله تعالى، ويجيدون الإقناع والخطاب

إن التجمعات البشرية في المصانع ، والجيش ، والجامعات، ومختلف الجمعيات، وسائر التوجيهات تحتاج للخطباء المجيدين لتحقيق غاياتهم وماربهم. وقد اهتمت جامعه الأزهر بإنشاء كلية الدعوة الإسلامية ، وأقسام الدعوة في الكليات الأخرى لتتحرك الدعوة إلى الناس بمنهجية عالمة ، وقواعد ثابتة وبذلك يخدم العلم العمل ، ويساعد الفكر التطبيق والأمل .

03
الفصل الأول: الخطبة

الخطبة بصورة عامة ليست أمرا سهلا ، ولا تكون حسنة ونافعة إلا بالجهد والدراسة والتعب، إنها تخاطب عقولا فاهمة، ومتنوعة ... وتحاول أن تقنع الوجدان، وترضى الأرواح، ولذلك لابد لها من التركيز على عناصر معينة لتكون مقبولة ومفيدة، إن الخطيب حين يقصد الخطابة لابد له أن يعرف الموضوع الذي سيتكلم فيه بشرط أن يكون المستمع في حاجة إليه، وأن يقسمه تقسيما علميا عقليا حتى يستكمل كافة عناصره

وأن يرجع إلى المراجع والمصادر المتعلقة بالموضوع ليستخرج منها ما يحتاج إليه في موضوعه ، وفق العناصر التي حددها ، وأن يتحلى بأسلوب ملائم للمناسبة، أخاذا للعقول، مبينا للمراد بوضوح ، لأن من المعلوم أن البيان البليغ من الحكمة ، وأن الإنسان مولع بتتبع الجمال في كل مواطنه ، وبخاصة مع اللفظ والعبارة، وعلى الخطبة أن تكون مرتبة منسقة، وأن تكون في جملتها متلائمة مع الظروف والمناسبة التي ستلقى فيها .

04
الفصل الثاني: الخطيب

الخطيب هو مؤلف الخطبة ومعدها . وموجهها إلى الناس من أجل التأثير والإقناع ، وحمل المستمعين على هدف يعرفه ويقصده . ولذلك كان التألف ضروريا بين الخطبة والخطيب، وفي الفصل الأول درسنا ما يتصل بالخطبة، وفي هذا الفصل سنحاول بإذن الله تعالى دراسة ما يتصل بالخطيب والخطيب هو الذى يعالج الحدث بخبرته، ويعرضه على المستمعين بصورة سهلة مقبولة ، وهو الذى يلون العلم بصورته الإنسانية . وفنيته المؤثرة وأى إصلاح للتطبيق الخطابي يعتمد على قدرة الخطيب الفنية . وتمكنه من قواعد علم الخطابة

وحينما ندرس المستمعين من ناحية ما يثيرهم . ويؤثر فيهم . وكيفية تحقيق النفع لهم ، حينما ندرس ذلك فإننا نقدم الدراسة للخطيب من أجل أن يحقق الإصلاح المنشود، والخطيب الذي نقصده هو الخطيب المثالى الذي جعل الدعوة إلى الله غايته، وأتخذ الخطابة حرفة وهواية . وأمن بالكلمة طريقا للإصلاح الاجتماعي والديني . وتيقن الإسلام منهجا لقيادة الجماهير، وإفادتهم بالتأثير النفسي والإقناع العقلي السليم .

05
الفصل الثالث: المستمعون

تهدف سائر الأعمال والأنشطة الاجتماعية خدمة الإنسان، ومحاولة الترقى به من وهدة التخلف إلى رقى في الفكر والحضارة والنهضة، وفي إطار تحقيق هذا الهدف تعمل مؤسسات الدعوة والإعلام، وهيئات الإرشاد والخدمة الاجتماعية، ومختلف الجمعيات الخيرية والتنموية .

وقد جاء الرسل عليهم السلام لتحقيق خير الإنسان وسعادته وذلك بإرشاده إلى الطريقة المثلى ليعيش دنياه عابد الله تعالى ، وينتقل لآخرته سعيدا بما يلقاه فيها . يقول الله تعالى: ( اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ ءَامَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ )، ويقول سبحانه : ( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَءَامَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفْرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ) ومن ولاية الله للمؤمنين أن وجه الدعاة نحو المنهج الأمثل لدعوة الناس به .

وعلم الخطابة على رأس علوم الدعوة يتجه مباشرة إلى المستمعين لحل قضاياهم بمنهج الله ، وتصحيح مسارهم ، ودعوتهم إلى الله بالحسنى ، ولذا لزم كل من يلي أمر الخطبة أن يحيط بأحوال المستمعين من كافة النواحي بقدر الإمكان ليتمكن من مخاطبتهم بما يفيدهم ، وبما يحتاجون إليه .

06
الباب الثاني: فقه الجمعة والعيدين

يوم الجمعة أحد أيام الأسبوع في دورته الفلكية يسبق بيوم الخميس ، ويعقبه يوم السبت، وهو أول أيام الأسبوع عند المسلمين حيث خصهم الله به ، وشرع لهم الخطبة والاجتماع في يومه ، فسبقوا بذلك غيرهم من أهل الكتاب، وقد فرض الله على المسلمين صلاة الجمعة في يومها، وشرع معها الخطبة لتكون مدرسة يتعلم منها المسلمون دينهم، وملتقى يتعارفون خلالها على إخوانهم، وجمعا يتدارسون أثناءه قضايا أمتهم ، متعاونين كرماء .

وكما شرع الله يوم الجمعة شرع العيدين ، عيد الفطر وعيد الأضحى لإدخال الفرحة في قلوب المسلمين، واعلانها للناس بعد الانتهاء من عباداتهم، وفي العيدين يسمع المسلمون خطيبهم يهنئهم بالعيد، ويبين لهم أحكامه ويذكر بالفرحة الكبرى عند لقاء الله تعالى، ويوجههم إلى ضرورة المحبة والتعاون بين المسلمين في يوم العيد العظيم

07
الفصل الأول: فقه الجمعة

إن يوم الجمعة هو أفضل الأيام وأحسنها عند الله تعالى ، فقد جعله الله عودا للأمة الإسلامية. ففيه وحدة الأمة حين تلتقى على منسك واحد ، مجتمعة في بيوت الله، لتعلم دينها ، وتقف على كافة شئونها، وفي يوم الجمعة يكون الخضوع التام الله إذ يجتمع الناس في بيوت الله يؤدون فرضهم، ويعلمون دينهم عبادا لله. خاشعين خاضعين، ترفرف عليهم السكينة. وتنزل عليهم الرحمة، ويعمهم الخير والتوفيق .

ولأهمية الجمعة والعيدين في الحياة الإسلامية عقدت هذه الدراسة لفهم كل ما يتعلق بهما من حكم وتشريع لمعرفة دين الله تعالى، وقد جعلت هذا الدراسة في إطار الحديث عن قواعد علم الخطابة لشدة الصلة بينهما . فأبرز ما في يوم الجمعة هو الخطبة، حتى أن كل بحث يقدم في المحيط الإسلامي عن الخطبة هو محاولة للنهوض بخطبة الجمعة، والاستفادة بها على الوجه الذي شرعت له .

08
الفصل الثاني: فقه العيدين

 العيد كل يوم فيه . جمع ، واشتقاقه من عاد يعود كأنهم عادوا إلى الجمع مرة ثانية وقيل اشتقاقه من العادة لأنهم اعتادوه، وجمع العيد أعياد . يقول الأزهرى والعيد عند العرب الوقت الذي يعود فيه الفرح والحزن ، ويقول ابن الإعرابي : سمى العيد عيدا لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد.

وقد شرع الإسلام للمسلمين عيدين في العام، وجعل فيهما مظاهر البهجة والسرور. والنشاط الاجتماعى والثقافي ما جعلهما عنوانا صالحا على مزايا الإسلام وعظمته، إن للعيد مناسكه الخاصة به، وكلها نزل على تقدير الإسلام للحسن والنظافة، وحبه للجمال والزينة، وارشاده المسلمين إلى أهمية صلة الرحم، وضرورة التعاون على البر والتقوى، وفي مشروعية العيد حث على استقلال الأمة المسلمة، وغيرها عن سواها، حيث صار العيد عبادة مفروضة، للاستغناء به عن يوم آخر كان العرب يختلفون به فأبدل الله أنصاره خيرا مما كان .

09
الخاتمة

فقد انجرت بعون الله تعالى هذا البحث عن قواعد علم الخطابة وفقه الجمعة والعيدين وحاولت فيه أن أبرز الأسس التي يجب إتباعها لإعداد خطبة حسنة قادرة على الوفاء بالواجب المطلوب من الدعاة، وعلى الدعاة أن يلتزموا بالأسس العلمية، وبخاصة في عصرنا الحديث الذي لابد من مواجهة مشاكله بأسس علمية موضوعية.

إن الخطابة المعاصرة لا يصح معها الارتجال المجرد، البعيد عن الإعداد والاستعداد، لأن الأفكار عديدة، والمجتمعات متنوعة، والشخصيات البشرية مختلفة إلى حد بعيد، والخطيب الداعية معرض أن يوجد في مجتمع وينتقل منه إلى غيره واذا لم يكن محيطا بقواعد علم الخطابة يعجز عن التغيير الملائم للمجتمع الجديد وأيضا فإن المجتمع الواحد تعتريه تغيرات تحوله إلى صورة اجتماعية جديدة. وهذا يقتضى بالضرورة أن يكون الخطيب الداعية ملما بما يحتاج إليه من علوم المجتمع والناس، ومن سمو الإسلام وكماله أن تشريعه للخطبة في الجمعة والعيدين. يعتمد اعتماد صحيحا على قواعد متينة تتفق مع أساسيات العلم، وأصول الفطرة. ومبادئ المصلحة والسعادة

الى الاعلى