Scalable business for startups

401 Broadway, 24th Floor New York, NY 10013.

© Copyright 2024 Crafto

مؤلفات
أ.د. أحمد أحمد غلوش

القول الدقيق في سيرة وعصر الصديق

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...  وبعــد .. فلقد انتهى عصر الرسالة بانتقال رسول الله إلى ربه سبحانه وتعالى، وبدأ عصرا لصحابة الذين خلفوا رسول الله سائرين على هديه ، ملتزمين بمنهج الله تعالى كما تعلموه من حبيبهم، وقد أعانهم الله تعالى ووفقهم في مواجهة ماجد من أحداث ، كل بما يناسبه أخذا من الوحي الثابت لديهم ، واستمروا على ذلك حتى سارت الأمة في خطها الصحيح ، وداومت على الصراط الذي رسمه لها رسول الله، لقد انتقل رسول الله إلى ربه بعد ما آمنت الجزيرة كلها ، وانتشر أمر الدعوة في الآفاق ، واستقرت دعائم الدين ، وتوطدت قواعد السعادة والخير في القلوب والعقول.

 

01
الفصل الأول : المجتمع العالمي عند وفاة الرسول

وصلتَ دعوة الإسلام إلى الناس كافة , وأدت الرسائل والرسل الأهداف التي نيطت بهم , وصار الإسلام دينـا معلوما للعالم كله .. وقـد أحدث وصول دعوة الإسلام للعالم كله دويا كبيراً أدى إلى ظهور حركات متعددة في صور شتى ، بعضها يعمل لله والدعوة ، وبعضها يعمل لذاته وسلطانه , وثالثه تعمل للهوى والشيطان , ورابعة نافقت فأظهرت الإسلام وأبطنت الكفر.. وهكذا .

في هذا الجو , ومع هذه الأحوال فوجئ الناس بوفاة رسول الله فتعامل كل فريق مع هذا الحدث الجلل بما يتفق و أمانيهم , وبما يريدون ومن هنا لم يستمر حال العالم على الصورة التي كانت في آخر أيام رسول الله، وحين ندرس عصر  الصديق  رضي الله عنه  من زاوية البحث في تاريخ الدعوة يصير من الضروري الوقوف على أحوال العالم لنعرف البيئة التي عايشها ابوبكر , ونتمكن من تقييم الجهود والأعمال التي قام بها في خدمة الإسلام والمسلمين .

02
الفصل الثانى: الإسـلام و الحكـم

ترك رسول الله أصحابه بلا تعيين من يخلفه فيهم ، ولم يحدد لهم نظاما يسيرون عليه ... وكل ما تركهم عليه إيمان صادق في عقولهم ، ووحى ثابت في قلوبهم وصحفهم ، وتطبيقات في الحكم والإدارة ، وعمليات في الدعوة والتوجيه ، وسبل للتربية والسلوك، رأى المسلمون ذلك فعملوا على اختيار خليفة لهم، يخلف رسول الله ، ويسير على خطاه ، و يشاور أصحابه ويعمل بالوحى المفصل ، ويجتهد مع المبادئ والأسس في الإطار الذي تعلمه من رسول الله، ومن هنا سارع الأنصار والمهاجرون للبحث عن الرجل المناسب لقيادتهم، وخدمة الدين، والتعامل مع الآخرين .. وبعد دراسة وبحث فى سقيفة بنى ساعدة ، وفي مسجد النبي تم اختيار أبى  بكر رضي الله عنه للخلافة على مبدأ عام ، وهو تمسك الجميع بطاعة الله ورسوله بلا تحديد شكل الحكم، أو تحديد الحكومة، أو رسم الخطة ، أو بيان الأهداف بالتفصيل وإنما ترك المسلمون ذلك اجتهاد أبي  بكر رضي الله عنه ومعه أهل الحل والعقد، ورجال الشورى . وقد تحقق الخير على أيديهم وتكاملت الأمة الخيرة وصارت حديث الناس .

03
الفصل الثالث: سيرة أبو بكر الصديق

 ينظر العلماء دائماً للشخصيات العامة من زاويتين :

إحداهما : سيرتها الذاتية وما أحاط بها من مؤثرات أدت إلى تميزها بصفات خاصة ومزايا معينة جعلتها شخصية متفردة في حركتها، ومزاياها الأمر الذي يجمع الناس حولها ، ويصورها من ذوي الرأي والقيادة وسط الناس .

ثانيهما : دورها فى الحياة العامة بإظهار دورها مع الناس ، والآثار التي خلفتها في الحياة الإجتماعية مع توضيح الجوانب العملية التي برزت فيها خلال نشاطها، وعملها مع بيان صلة هذا الجانب بالجانب الأول .

وحينما يكون الحديث عن أبى  بكر رضي الله عنه ، وعن تاريخ الدعوة فى عصره فإننا نرى ضرورة الحديث عن سيرته لنعرف قيمته فى قبائل العرب ، ودوره قبل الإسلام وبعده ، ومسلكه مع رسول الله  ومع الناس ، وأهم تفاعلاته الشخصية مع ما كان يسمعه من رسول الله  حتى لقى الرسول  ربه ، وهذا ما سوف نتناوله فى هذا الفصل .

 

04
الفصل الرابع : خلافة أبي بكر

تولي أبو  بكر رضي الله عنه الأمر بعد رسول الله ، وسماه المسلمون خليفة رسول الله بعد أن اختاروه وولوه عليهم بإرادتهم الحرة ، وفق الشورى التي شرعها الله للأمة , وأمر بها الناس . وقد قام أبو  بكر رضي الله عنه بالأمر خير قيام , وبذل معه جهده وجهاده , فكان نعم الخلف لرسول الله  فلقد انقلبت الجزيرة بعد وفاة رسول الله , وظهرت الردة في كل مكان , وبقيت المدينة ومكة والطائف فقط على ما بايعوا عليه رسول الله .

ووجد المسلمون أنفسهم أمام عدد من الأمور تحتاج إلى الحسم والنفاذ...وأول هذه الأمور اختيار خلف لرسول الله  يسوس دنياهم , ويحمي دينهم , ويطبق شرع الله فيهم , ويواصل حمل الأمانة التي تحملها المسلمون بعد رسولهم .وثاني هذه الأمور ضرورة مواجهة الردة التي ظهرت في الجزيرة العربية كلها بصور عديدة,وأسباب متنوعة وثالث هذه الأمور مواصلة المواجهة التي بدأها رسول الله  مع الفرس والروم بعدما حاولوا هدم الإسلام وإطفاء نوره من حياة الناس ، وبخاصة أن رسول الله  كلف بعثا يذهب للروم بقيادة أسامة بن زيد ر ومعه كبار الصحابة ووجهاء الناس .

05
الفصل الخامس : أســـس الحكــم فــي خلافة أبى بكر رضي الله عنه

بايع المسلمون أبا  بكر رضي الله عنه ، واختاروه خليفة عليهم . فقام فيهم ر خطيبا ، لتوضيح الأسس والمبادىء التى سيقيم عليها حكمه لأمة محمد ، فصعد المنبر ، وحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعـد . أيها الناس ، فإني قد وليت عليكم ، وليست بخيركم ، فإن أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقومونى ، الصدق أمانة ، والكذب خيانة ، والضعيف فيكم قوى عندى حتى أرجع عليه حقه إن شاء الله ، والقوى فيكم ضعيف عندى حتى آخذ الحق منه إن شاء الله ، لا يدع قوم الجهاد فى سبيل الله إلا خذلهم الله بالذل ، ولا تشيع الفاحشة فى قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء ، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله ، فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لى عليكم.

06
الفصل السادس: بعث أسامة

استمرت خلافة أبي بكر رضي الله عنه  أقل من ثلاث سنوات امتلأت بالنشاط ، والعمل ، والحركة . وجد المسلمون أنفسهم بعد وفاة رسول الله غ  أنهم أمام موقف يحتاج إلى مواصلة الجهاد ، وبذل كل الطاقة في سبيل الله حتى لا ينقلب الحال، وتمتلئ الأرض بالضلال بعد أن شع فيها نور الإسلام. 

رأى أبو بكر رضي الله عنه  والصحابة معه أن أحوال المسلمين في الجزيرة العربية قد تغيرت بعد وفاة رسول الله  فلقد انتشرت الردة بينهم، فمن العرب من تنبأ ومنهم من أعلن رفضه دفع الزكاة لأبي بكر . وبدأت موجات من التمرد على تعاليم الإسلام تنتشر بين قبائل العرب بدوافع عنصرية ، وقبلية ، وشخصية  ورأى أبو  بكر رضي الله عنه أن الفرس والروم أخذت تعمل لمحاربة المسلمين والقضاء على دينهم قبيل وفاة رسول الله  فكان أن سير الرسول جند المسلمين إلى مؤته، وتبوك لردع الروم وأشياعهم، كما أن الفرس حاولوا استعداء جنودهم في اليمن . ضد المسلمين في الجزيرة العربية . 

07
الفصل السابع : أبو بكر في مواجهة الردة والمرتدين

ارتدت الجزيرة العربية كلها بعد وفاة رسول الله غ، واتخذت الردة فيها صورا متعددة ... فمن المرتدين من أعلن خروجه عن الإسلام ، لأنه لا يحب النظام ، ويكره مساواته بالضعفاء .. ومنهم من تعصب لقبيلته وسار معها رغم عدم إيمانه بأفكار شيوخها ... ومنهم من بقي على الإسلام واستثنى منه عدم تنفيذ بعض تكاليفه كدفع الزكاة أو إقامة الصلاة ... ومنهم من رأى تغير الظروف والأحوال فيلجأ إلى الصمت والعزلة منتظرا ما تسفر عنه الأحداث.

لقد استغل بعض الوجهاء الموقف في قبائلهم ، وقاموا بالسيطرة على عقول الناس، وادعوا النبوة خالصة لهم، أو مشاركة مع رسول الله غ  ومن العجب أنهم استمروا رغم ضلالهم على توحيد العقيدة ، ونادوا بضرورة العبودية لله الواحد مع إدخال تيسيرات في أركان العبادات وصورها ، وشروطها، وكل تعديلاتهم كانت في الأحكام الشرعية غالبا ، أما في العقيدة فهو الزعم بادعاء النبوة . الأمر الذي يؤكد أن الردة لم تكن بسبب دينى ، وإنما تمت لغايات شخصية، وبحثا عن مجد دنيوي زائل. 

08
الفصل الثامن: الفتـوح في عهد أبى بكر

انتهت حروب الردة بعودة العرب إلى الحق مرة أخرى ، وندمهم على ما بدر منهم ، وعزمهم المؤكد على أن تكون حياتهم ومماتهم لله رب العالمين، ورب ضارة نافعة فلقد أظهرت حروب الردة مجموعة من الحقائق الكامنة برزت قوة الرجل العربي ، وشجاعته ، وتضحياته إزاء القضايا التي يؤمن بها ، ويرضى عنها .

ـ ظهرت حقيقة الروم والفرس أثناء حروب الردة فلقد أعلنوا العداواة ، وعملوا على مساعد المرتدين ، وتصوروها فرصتهم للقضاء على المسلمين والإسلام ، ولذلك قدموا من أعمالهم ما وجب على المسلمين أن يجاهدوهم عليه بعد ذلك 

ـ تحول المرتدون إلى جنود صادقين ، يريدون الآخرة قبل الدنيا ، ولذلك نراهم يعتادون على الجهاد الذي وجههم إليه أبو بكر بعد انتهاء الردة. ـ من هنـا فإن حروب الردة تعد مقدمة للفتوح الإسلامية في عهد أبى بكر ، لأن عداوة الفرس والروم أخذت طابعا عمليا ، وصدهم الناس عن دين الله ظهر جليا ، واضطهادهم للدعاة المسلمين صار سياسة شاملة ، ولذلك بدأت الفتوح بعد الردة مباشرة حيث أظهر الواقع ضرورة الجهاد ، وحتم السرعة فيه .

 

09
الفصل التاسع والأخير : مـاذا بعـد أبـي بكـر؟

وهكـذا ... وصل بنا الطواف في سيرة أبى  بكر رضي الله عنه إلى النهاية ، بعدما عشنا معه في حياته قبل ظهور الإسلام ، ووقفنا عند أهم صفاته ومزاياه .. ورأينا أنه كان خير معين لرسول الله غ  وهو يدعو أهل مكة والقبائل قبل الهجرة وتحمل كثيرا من الأذى وبذل من ماله ونفسه الكثير من أجل دين الله تعالى وكان هو الصاحب في الهجرة ، وهو الذي عاش في المدينة مستشارا لرسول الله ووزيرا له .وقد اختاره المسلمون خليفة عليهم لما رأوا من إخلاصه وصدقه مع الله ورسوله ، لما علموه من تزكية رسول الله .. وقد قدم خلال مدة خلافته القصيرة الكثير للإسلام والمسلمين .

10
الخاتمة

كيف نواجه السـؤال ؟ والسؤال الذي أقصده هو السؤال الذي سيوجه إلى كل فرد مسلم عند لقاء الله تعالى لأن كل إنسان سيسأل حتما عن :ربه ـ ونبيه ـ ودينه وسوف يسأل كذلك عن :ـ عمره ـ وشبابه ـ وعلمه ـ وماله ومن الضروري أن يتناول السؤال تفصيلات عن مساهمة المسؤول في عمله وجهده ، ومدى مساهمته في انحطاط الأمة ، وتأخر المسلمين ، وعن الجهد الذي بذله في خدمة الإسلام والمسلمين إن وجد .

إن أخوف ما أخافه هو افتضاح كثير من الناس الذين يعيشون الدنيا بعيدين عن الله ، مقصرين في الواجب ، والناس يظنون بهم خيرا .وستكون فضيحة على الملأ لا نجاة منها إلا بفضل الله يؤتيه من يشاء .. لا يليق بمسلم أن يعيش حياته الدنيا من غير أن يعمل للآخرة ، وأن يستعذب الكسل والحرام والشهوات وهى طريقه إلى العذاب . لقد عشنا هذه الدراسة مع عهد أبى  بكر رضي الله عنه ، ورأينا فيه الصورة الرائدة للمسلم العادي ، وللحاكم المسلم وآمل أن نتخذه قدوة ، وأسوة لنلتقي معه برسول الله غ  يوم ينعم الصالحون بصحبته غ  في الآخرة .

الى الاعلى