Scalable business for startups

401 Broadway, 24th Floor New York, NY 10013.

© Copyright 2024 Crafto

مؤلفات
أ.د. أحمد أحمد غلوش

المجلد الثاني: التعريف بالموضوع العام للجزء الثاني

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. وللشكر له سبحانه وتعالى أن أعانني على إخراج المجلد الأول من ركائز القدوة في تفسير الدعوة واسأله سبحانه وتعالى أن يعينني على مداومة العمل فيه لأتم ما قدره الله لي قبل أن يأتيني الأجل، وأرجوه عز وجل أن يسدد أمرى إلى الصواب ، ويجنبني الشطط والزلل ،  ويعيذني من الشيطان الرجيم ، وينجيني من شر كل حاسد حقود ، وأقر بعجزى ، وقصر باعي ، وضعف قوتي ، وقلة حيلتي أمام أسرار وعظمة القرآن الكريم ، وما تمسكت بمحاولتي في تفسيره إلا حبا الله تعالى ، وتعظيما لكلماته ، وإخلاصا للإسلام الذى نزل القرآن لبيانه وتوضيحه ، وأملا في استنباط ركائز مفيدة للدعوة والدعاة ، يتمكنون بها من تبليغ الإسلام على الوجه المطلوب ويصيرون بسببها قدوة لكل عاقل لبيب، ولئن سبقني الكثير في تفسير القرآن الكريم قديما وحديثا ، وهم بكل تأكيد متصفون بقوة الإيمان، وحصافة العلماء ، والتجرد التام من شواغل الدنيا ، ورغبات الذات ... رغم ذلك فإن أملى أن ألحق بركبهم ، وأعيش في رحابهم ، ولتلمس خطوة في طريق المعلم كخطاهم ، عسى أن أنال بصحبتهم خيراً ، وتوفيقا ، وأسعد بمتابعتهم فأنال حسن الذكر ، وحسن العاقبة . وان قصرت همتى عن هامة القرآن الكريم لعذري أني أجد الصدق في قلبي ، والإخلاص في عملى ، والحب في غايتي ، وبذل أقصى الجهد في سعيى ، والأمل في الله أن يكون معى فهو سبحانه لا يرد سائلا ، وهو ولى المؤمنين ، وقد بذلت طاقتي في عملي ، وهو سبحانه : ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا )

01
التعريف بالموضوع العام للجزء الثاني

يدور الموضوع الرئيسي للجزء الثانى من سورة البقرة حول توضيح الطريق الصحيح للأمة الإسلامية لتسير على هدى الله ومنهجه ، وتوضيح الملامح الرئيسية التي تكون بها الأمة إسلامية .

02
تفرق الضالين في الآخرة

يقول الله تعالى : (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتَّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ) .

صلة الآيتين بما قبلهما: تحدثت الآية السابقة عن تعمق الشرك لدى المشركين في الدنيا لدرجة أنهم يحبون الأصنام مثل حب المؤمنين الله ، وهم متماسكون حول حبهم هذا  وضلالهم ، أما عن أحوالهم في الآخرة فقد جاءت به هذه الآية ، وأشارت إلى ما بينهم من تنافر وخصومة وعداوة .

 

03
سبب الكفر ومقام الكافرين

يقول الله تعالى : (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) .

صلة الآية بما قبلها: لما تحدثت الآية السابقة عن بني إسرائيل وكفرهم وتحريفهم لآيات الله التي جاءتهم بلا سبب معقول جاءت هذه الآية بعدها لتبين سبب ضلال الكافرين من بني إسرائيل وغيرهم ، وتعرف بمكانتهم بالنسبة للمؤمنين يوم القيامة 

04
مع الأحكام التشرعية

بينت الآيات السابقة أن حب الدنيا ، والإعجاب بزخرفها يؤدى إلى البغي والتحاسد ، والاختلاف في الدين بعد الإنفاق فيه ، ولذلك كان شرع الله حدا يفصل بين الناس ، ويعطى الحق لصاحبه ويمنع من العدوان عليه ، ويصونه بالعدل والحق ، وبذلك يعيش الإنسان في المجتمع المسلم آمنا ، مطمئنا ، راضيا .

ومن هنا كانت الشريعة مكملة للعقيدة ليحافظ المؤمنون على وحدتهم ، ويبتعدوا عن التنابز ، والاختلاف ... وهذا بعض السر في أن القرآن الكريم يخلط في كلامه بين آيات العقيدة ، وآيات الشريعة حيث نرى النصح والوعظ مع الدعوة إلى التوحيد ، ونجد بيان الأحكام الشرعية مع قصص السابقين وجدل الكافرين والمشركين ، وبذلك يقوى كل منها غيره ، ويؤكده ... ويحيا المسلم بهذا التنوع عالما بكل عناصر دينه في توازن ، وتألف ، وانسجام وقبل تفسير الآيات أورد مبحثين لأهميتهما

05
التعريض بنكاح المعتدات

يقول الله تعالى : (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خَطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) .

صلة الآية بما بها: تحدثت الآيات السابقة عن عدة المرأة بأنواعها وجاءت هذه الآية لتبين حكم التعريض بخطبة المرأة خلال عدتها التي تنتظر نهايتها

وضوع الآية: الآية تتحدث عن جواز التعريض بخطبة المرأة المطلقة في عدتها ، بصورة لا تسئ إلى حق زوجها الأول

06
ملخص قصة بني اسرائيل مع طالوت

أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإ مِنْ بَنِي إِسْرَاءِيلَ ( ينبه الله رسوله محمد ﷺ بهذا الأسلوب الاستفهامي المؤدى إلى الدهشة والتعجب من الفعل بعده ، ويعرفه بهذه الجماعة من بني إسرائيل ، وقد عاشت تحت وطأة العمالقة الذين أذلوهم ، واستبدوا بهم وبعدها أرسلوا قادتهم وأولى الرأى فيهم ، وهم ( الْمَلَإ ) الذي يملأون مجالسهم أبهمة ، وصوتا .

وهذه الجماعة من ( بَنِي إِسْرَاءِيلَ )كانت (مِنْ بَعْدِ مُوسَى ) بمدة طويلة وذلك في زمن كثرت فيه الخطايا ، وحلت بالإسرائيليين المصائب والمحن

07
صفة النفقة المقبولة

يقول الله تعالى : الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنَّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) .

صلة الآية بما قبلها: تحدثت الآية السابقة عن عظمة ثواب الإنفاق في سبيل الله ، وجاءت هذه الآية لتبين صفات النفقة الصالحة التي يقبلها الله تعالى ، ويثيب عليها أضعافا مضاعفة .

موضوع الآية: تبين الآية خصائص المنفقة المقبولة عند الله تعالى ، وهي المخالية من المن والأذى ، فأجرها عظيم في الدنيا والآخرة

08
ختام سورة البقرة

ختم الله تعالى سورة البقرة بآيتين هما قوله تعالى : ءَامَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ، وَالْمُؤْمِنُونَ كُلَّ وَآمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَ بِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيمُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى مد الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) .

صلة الآيتين بالسورة كلها: سورة البقرة هي أطول سور القرآن الكريم تضمنت الحديث عن الإيمان وقصص السابقين ، ونظام الإسلام ، والجهاد ، وأهمية النفقة ، وضرورة تجنب الربا ... وهكذا ، وقد ختم الله السورة بهاتين الآيتين لما فيهما من إشارة الموضوعات السورة كلها 

لقد بدأت السورة بقوله تعالى : ( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ) . وورد في ثناياها إشارات وتفصيلات لهذه الحقائق ، وبخاصة حقيقة الإيمان بالرسل جميعاً ... وها هي ذي تختم بقوله تعالى : ( ءَامَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلَّ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَمَلَ بِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ... ) . وهو ختام يتناسق مع البدء كأنهما دفتا كتاب !

الى الاعلى