Scalable business for startups

401 Broadway, 24th Floor New York, NY 10013.

© Copyright 2024 Crafto

مؤلفات
أ.د. أحمد أحمد غلوش

المجلد الثامن: تفسير من سورة (يوسف) إلى سورة (النحل)

الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... وبعد ... فالحمد لله أن أعانني على الانتهاء من تفسير أكثر من ثلث القرآن الكريم في مؤلفى ركائز القدوة في تفسير الدعوة ... وأسأله مداومة العون والتوفيق في تنشيط الهمة ، ومداومة العمل في تحقيق هذا الأمل الذي أتمناه قربة الله تعالى ، وتحديدا لمسار الدعوة والدعاة إلى الله رب العالمين وربطا للدعاة بالوحي الذي جاء عونا للمسلمين الصادقين. إن إيماني بالله تعالى ، وثقتى في مقام رسول الله ، ويقيني بصلاحية الإسلام لكل العصور ، والامكنه ، ورؤيتي للهجوم الضاري الذي يوجه للإسلام من خصومه تدفعني إلى تقديم أى عمل علمى يخدم الدعوة إلى الله تعالى . وكثيرا ما أسأل نفسى : أين القدر المقصود من خلال هذا المؤلف الذي يحتاجه الدعاة ، وتستفيد منه الدعوة ؟

01
التعريف بسورة يوسف

سورة "يوسف" سورة مكية عند الجمهور ، وذهب نفر قليل إلى أن أربع آيات منها مدنية هي الآيات [۲ ، ۳ ، ۷] لأنها تتناول موضوعات نزل مثلها في المدينة بعد الهجرة إلا أن الجمهور يرى أن هذه الآيات تعد مقدمات لما بعدها من قصة "يوسف" الله ولذا لزم أن تكون مكية مثل بقية السورة.

والتعريف بسورة "يوسف" يحتاج إلى ما يلي :

أولًا: تنزلات السورة \ سورة "يوسف" سورة مكية نزلت في آخر العهد المكي ، حتى قال البعض : إنها نزلت بعد البدء في أعمال الهجرة إلى المدينة المنورة ، والقول بأن بعضها مكى واه جدا لا يلتفت إليه  . والسورة مكية في موضوعها الذى تناولت خلاله قصة "يوسف" كاملة لتناسب حالة المعاناة التي كان يعيشها رسول الله وأصحابه في مكة قبل الهجرة ، وبخاصة بعد وفاة أبي طالب عم رسول الله وزوجته أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، وعدد آيات السورة مائة واحد عشر آية ، وللسورة اسم واحد فقط هو "يوسف" .. نزلت السورة بعد سورة "هود" وتتميز عن سائر السور التي سميت بأسماء الأنبياء بأنها قدمت قصة "يوسف" كاملة بخلاف القصص في غيرها ، فقد نزلت مجزأة مفرقة على عدد من السور

02
عظمة القرآن الكريم

يقول الله تعالى :(الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنزَلْتَهُ قُرْوَانَا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْءَانَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ، لَمِنَ الْغَافِلِينَ ) .

صلة الآيات بآخر سورة "هود": لما أمر الله تعالى في آخر آيات سورة "هود" بعبادته وحده ، وبين أن الغيب يعلمه الله وحده ، وأن الأمر كله بيده سبحانه وتعالى جاءت هذه الآيات في بداية سورة "يوسف" لبيان أن الله أنزل السورة متضمنه قصة "يوسف" لحكمة يعلمها ، وأن ما فيها من غيب قد استأثر الله تعالى به ، وأنه من غيب أخبار المخلوقات التي مضت ، واندثر أثرها

موضوع الآيتين: تبين الآيتان أن الله أنزل القرآن الكريم محكما ، واضحا بلسان عربي ليفهمه العرب ويحملونه إلى العالم كله

03
التعريف بسورة الرعد

يحتاج التعريف بسورة "الرعد" إلى دراسة المسائل الآتية :
أولا :تنزلات السورة\ اختلف المفسرون في مكية السورة أو مدينتها : فذهب جماعة إلى أن السورة كلها مكية منهم سعيد بن خبير ، والحسن وعكرمة ، وعطاء ، وجابر بن زيد رضى الله عنهم . وذهب غيرهم إلى أن السورة كلها مدنية منهم ابن الزبير ، والكلبي ، ومقاتل. وتوسط آخرون فذهبوا إلى أن السورة مدنية ما عدا قوله تعالى: وَلَوْ أَنْ قُرْءَانَا سُيَرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَأْبَسِ الَّذِينَ ءَامَنُوا أَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ). وجاء في الاتقان أن السورة مدنية بدليل ما أخرجه الطبراني وغيره عن أنس الله أن الآيات من الآية رقم (۸) وهى قوله تعالى : ﴿ اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى ) إلى الآية رقم وآخرها قوله تعالى : ﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْحَالِ)

04
إنكار المشركين نبوة محمد ﷺ

يقول الله تعالى :(إنكار المشركين نبوة محمد ﷺ  وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ وَآيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ) وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) . صلة الآية بما قبلها: لما بينت الآية السابقة استهزاء المشركين بوعد رسول الله ووعيده جاءت هذه الآية لبيان إنكار المشركين لنبوة محمد ﷺ ، وتعنتهم في طلب الآيات . 

موضوع الآية: تبين الآية أن المشركين يطلبون من رسول الله آية كونية تهزهم وتبهرهم ، وتأمر رسول الله أن يقول لهم إن الآيات ينزلها الله كما يشاء ، وما هو إلا رسول الله ينذر ويبشر للصواب. ولكل أمة قائد يدعوهم إلى الخير ، ويهديهم

05
سورة إبراهيم

التعريف بسورة "إبراهيم" يحتاج إلى المباحث التالية :
أولا: تنزلات السورة \ سورة "إبراهيم" سورة مكية كلها ، وما قيل من أن آيتين فيها مدنيتان هما قوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدِّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ  ليس براجح لجواز نزولهما مرتين ، مرة بالمدينة ، ومرة بمكة فموقع الآيتين مناسب لما قبلهما وما ونظرا لأن الآيتين لا يتضمنان حكما شرعيا فلا أثر للخلاف في بعدهما وقت نزولهما . وعدد آيات السورة إحدى وخمسون آية عند المصريين ، واثنان وخمسون عند الكوفيين ، وأربع وخمسون عند المدنيين ، وخمس وخمسون عند الشاميين"، واسم السورة سورة "إبراهيم" وليس لها اسم آخر ، وقد نزلت بعد سورة "الشورى"

06
دور القرآن الكريم مع الناس

يقول الله تعالى : الرَّ كِتَابُ أَنزَلْتَهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ) .

موضوع الآيتين : تبين الآيتان أن الله أنزل القرآن الكريم معجزة خالدة مع المسلمين تنظم لهم الحياة ، وتخرج الناس من ظلمات الكفر والعدوان إلى نور الإسلام بأمر الله تعالى الذى يهديهم إلى الصراط المستقيم ، فهو سبحانه المالك لكل ما في السموات وما في الأرض ، من أطاعه نجا ، وعن عصاه هلك، فقد قدر الله الهلاك الشديد لمن كفر بالله تعالى ، ورفض دعوة رسول الله ﷺ .

الدلالات اللغوية: (الر كِتَابٌ أَنزَلْتَهُ إِلَيْكَ ) بدأت الآية بالحروف المقطعة لما فيها من تنبيه ، واعجاز ، وأسرار . وقد سبق تفصيل القول في هذه الحروف والمراد بالكتاب القرآن الكريم الذي عظم بكل ما أحيط به. فهو عظيم بمصدره ، فهو كلام الله تعالى الكبير المتعال . وهو عظيم بحقيقته فهو المعجز بلفظه ومحتواه وهو عظيم بحامله فقد حمله جبريل الله ونزل به على قلب رسول الله ﷺ. وهو عظيم بمتلقيه ، فقد تلقاه رسول الله محمد وحمله للناس ، وبلغه لكل بلغ من الناس

07
التعريف بسورة الحجر

التعريف بسورة الحجر: يحتاج التعريف بسورة "الحجر " إلى دراسة المسائل الآتية : تنزلات السورة: سورة "الحجر " سورة مكية عند الجمهور إلا أن البعض ذهب إلى أن في السورة آيتين مدنيتان هما قوله تعالى : ( كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ) . ( وَلَقَدْ وَآتَيْنَكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْءَانَ الْعَظِيمَ )  . ومعنى الآيتين ليس بغريب على القرآن المكى مما يشير إلى تكرر نزولهما ، وبذلك يصدق ما قيل في نزولها . "وعدد آياتها تسع وتسعون ، ولها اسم واحد هو الحجر ، ونزلت بعد سورة "الأنعام .

08
التفسير

عظمة القرآن الكريم:  يقول الله تعالى :( الٓر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْءَانٍ مُّبِينٍ ) .

موضوع الآية: تبين الآية عظمة القرآن الكريم فهو معجزة الله لمحمد ﷺ موضوع في كتاب مقروء ، بالغ نهاية البلاغة والبيان ، فهو مصدر الهداية ، والأحكام ، ومنهج الله المستقيم .

الدلالات اللغوية: ( الٓر) هذه حروف مقطعة تعنى التنبيه ، وتثبت الإعجاز ، وتوضح أن علم الله شامل لكل معلوم ، وفوق كل معلوم . ( تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْءَانٍ مُّبِينٍ ) الإشارة إلى القرآن بـ تِلْكَ) لبيان علو منزلته وسمو مكانته ، فلقد اشتمل على آيات بينات صار بها الكتاب الكامل الذي لا يساويه غيره ، ولا يقاربه ، وهو القرآن الكريم الواضحالمبين لدين الله الذى يعرف بالإسلام، ويهدى للتى هى أقوم ، ميسر لفظه ، بين معناه ، سمعه الجن فقالوا : ( يَنقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِم )

09
سورة النحل

تنزلات السورة: سورة النحل" سورة مكية إلا ثلاث آيات منها هي قوله تعالى : ( وَإِنْ مد عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ، وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّبِرِينَ ) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقُوا وَالَّذِينَ هُم مُحْسِنُونَ ) .

وتسمى السورة بسورة النحل" ، لأن ذكر "النحل" ، والهام الله له لم يأت إلا في هذه السورة ، وهذا الاسم هو المشهور للسورة ، ويسميها العلماء باسم سورة "النعم" بكسر النون المشددة ، وفتح العين لكثرة النعم المذكورة فيها وقد نزلت السورة بعد سورة الأنبياء" ، وعدد آياتها مائة وثمان وعشرون آية بالإجماع .

10
موضوعات سورة النحل

تدور سورة النحل" حول الموضوعات التالية :

(۱) بيان وحدانية الله تعالى وتأكيد تفرده بكل صفات الكمال التي تليق به سبحانه وتعالى ، وتورد لذلك الكثير من الحجج العقلية ، والإنسانية ، والكونية ، وتفصل هذه الحجج للناس لعلهم يعقلون ويفكرون ، ويهتدون . وترد السورة مزاعم الشرك والمشركين ، وتحذر مما حل بالأمم السابقة من هلاك وعذاب

(۲) تثبت السورة نبوة محمد ، وتبين أنه بعث بدين أبيه "إبراهيم" القيم وتحذر من الارتداد عن الإسلام بعد الدخول فيه ، وتناقش مواقف المشركين من الوحى ومن رسالة الرسول ، وترد ضلالهم يقول الله تعالى : ﴿ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَاوِي الَّذِينَ كُنتُمْ تُشَتَقُونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ ) ، ويقول : ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانُ عَرَبِيٌّ مبين )) .

(۳) توضح السورة البعث ، وتثبته ، وتبين اقترابه ، وترد مزاعم المشركين حوله . يقول الله تعالى : ﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَنِنِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) .

٤) تثبت السورة مكارم الأخلاق كالعدل ، والإحسان ، والبر ، والمواساة ، والوفاء ، والبعد عن الفحشاء والمنكر وغيرها من الآفات وسوء الأخلاق ، يقول الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَايِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَنهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ

(٥) تحدد السورة طرق الدعوة إلى الله تعالى ، وتضرب عددا من أساليب الدعوة مثل القسم ، والجدل الحسن ، وضرب الأمثال ... الخ . وتبين المنهج الشامل للدعوة ، وذلك في قوله تعالى : ( أَدْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبِّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) .

11
درس من الأمم الماضية

يقول الله تعالى: (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَنتَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَنهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَاءِ الَّذِينَ كُنتُمْ تُشَتَقُونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ الَّذِينَ تَتَوَفَّنَهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي ) أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوْا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِرِينَ ) .

صلة الآيات بما قبلها: لما بينت الآيات السابقة ضلال المشركين ، وعبادتهم للأصنام ، وإنكارهم للقرآن ، واليوم الآخر جاءت هذه الآيات لبيان إهلاك الله تعالى للأمم السابقة في الدنيا ، بسبب كفرها بدين الله تعالى ، ولبيان مصيرهم في الآخرة .

موضوع الآيات: تبين الآيات أن الأمم السابقة قد كفرت بالله تعالى فأهلكهم الله تعالى ، وأنزل عليهم عذابه في الدنيا ، وفى يوم القيامة سيجزيهم ، ويقيم الحجة عليهم ويدخلهم جهنم ، وبئس المصير

12
وجوب التوبة والرجوع إلى الله تعالى

يقول الله تعالى: ( ثُمَّ إِنَّ رَبِّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبِّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ )

صلة الآية بما قبلها: لما بينت الآيات السابقة عاقبة الكذب على الله وجحود نعمه جاءت الآية لبيان طريق النجاة لمن وقع في عمل سئ ، وهو التوبة والرجوع إلى الله تعالى .

موضوع الآية: تبين الآية أن الله غفور رحيم لمن عمل سوءا ، وهو يجهل حكمه ، وأثره ثم تاب عنه ، ورجع إلى الله تعالى فإن الله غفور رحيم .

الدلالات اللغويه: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ) هذا خطاب للنبي ﷺ ومعه أمته على الزمن كله يخبره الله فيه أن رحمته وعونه لعباده الذين يعملون السوء بجهالة ، ولا يستمرون عليه حين يكتشفون ما فيه من سوء ، ويرجعون إلى الله تعالى ... والألف واللام في ( السُّوءَ ) للاستغراق فيشمل كل سوء من الكفر والمعاصي وكل ما لا ينبغي فإن فاعل ذلك العاقل يكون جاهلا بما يفعله ، سواء كان جهله بحقيقة السوء في فعله كمن يرى حرية الملذات ، وضرورة الربا ، أو يرى حل الدخان ، والمخدرات ، والاختلاط السئ بين الرجال والنساء ... أو كان يجهل أثره ونتائج فعله أو كان يجهل من يحرم
فيرتكب الحرام ، ولا يدرى أنه يخالف الله ..
والآية تشير إلى حقيقة فطرية ، لأن العاقل لا يرضى فعل القبيح ، وانما يقع فيه وهو غافل عن هذا القبح فيه ، وبخاصة حينما يزين له الشيطان هذا القبح ، ويحسنه له . فيقع فيه عن عماية وجهل ، ولذلك فتح الله أمامه باب التوبة فقال تعالى .

13
الخاتمة

"الحمد لله الذي أعانني على إتمام المجلد الثامن الذي انتهى بتفسير سورة "النحل . واشكر الله أن سدد خطاى ، ووفقني لما أتمنى ، وأرجوه سبحانه وتعالى مداومة التوفيق حتى اكتب في التفسير ما قدره الله لى . ومازلت أقول : إني بذلت جهدى ما استطعت ، فإن كنت موفقا فهو من الله ، وإن كان على خطا فمنى واستغفر الله العظيم . وأكرر ما قلته قبل ذلك إنى محتاج لنصح إخواني العلماء لإدراكي مدى علمهم ، وسعة أفقهم ... والأمل فيهم أن يتمموا هذا التفسير ركائز القدوة في تفسير الدعوة" إن قدر لي إن لا أتمه . اللهم حسن خلقى كما حسنت صورتي ، وأبسط لي العلم مع الصحة اللهم كن عقلى الذى أفكر به، ويدى التي اكتب بها . اللهم طهر نفسى ، وسدد فكرى ، ووفقني لما تحب وترضى اللهم اجعل أبنائي قرة عينى ، وأبعد عنى وعنهم وساوس الشيطان الرجيم ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين اللهم إعط وتكرم ، واغفر وارحم ، إنك أنت الله العلى الأكرم ... وأنت العزيز الحكيم 

الى الاعلى