الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .... وبعد .... فقد أعانني الله تعالى ، وانتهيت من إخراج الجزء الأول من مؤلفي الذي اخترته في شرح أحاديث "اللؤلؤ والمرجان" الذي اشتمل على استنباط الركائز الإيمانية والدعوية من كل باب، وايراد اللمحات الموجزة في الفوائد المستخرجة منها، ولهذا وسمته بـ "ركائز الدعوة والإيمان بشرح أحاديث اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان"، ورجوت من إيراد الركائز أن يفهم الدعاة والمربون ما في الحديث من قضايا جامعة، وبخاصة تلك التي يهتم بها العلماء، والدعاة المعاصرون في إطار التطور والتجديد الذي أحدثته النهضة في الفكر والسلوك، وقصدت من ذكر اللمحات الإشارة إلى عبر موجزة يمكن تطبيقها في كل جوانب الحياة، وتعرف المشتغلين في الاصلاح العام بقيمة ما في تعاليم الإسلام من فائدة ومصلحة وقد هداني الله تعالى لشرح أحاديث اللؤلؤ والمرجان فأحببته، وسعدت في عملی معه، وبخاصة أنه لم يسبق فيما أعلمه أن خصه أحد بالشرح والبيان ... صحيح أن أحاديثه مأخوذة من صحيحى البخاري ومسلم ، وشروحهما عديدة ، ووافيه إلا أن هذه الشروح جاءت في إطار أحاديث الصحيحين، كل على حدة ، للمساهمة بدلالتها في توضيح المعاني المقصودة من أحاديث الباب في الصحيحين.
لقد سعدت بشرح "اللؤلؤ والمرجان مستفيدا بكافة شروح الصحيحين ، وبذلك أقدم "اللؤلؤ والمرجان مشروحا لأول مرة ، متضمنا المزايا التي اتصف بها، ومن مزايا "اللؤلؤ والمرجان" اختياره للأحاديث التي اشترك في روايتها كل من البخاري ومسلم ، ووضعها في أبواب متتابعة ، وبذلك يشمل شرح أحاديثه أغلب المسائل التي يتناولها الباب كما جاءت في صحيح مسلم، وكما جاءت في أبواب عديدة عند البخارى ... ولهذا كان شرح هذه الأحاديث (وهو مقصدى من مؤلفى) يتضمن بحث أكثر الموضوعات التي تناولتها أحاديث البخاري ومسلم رضى الله عنهما، وقد لاحظت كثرة الأراء الفقهية التي ذكرها شراح الحديث، وبينوا خلالها أحكاما عدة لما هو واقع في حياة الناس، ولما تخيلوه من صور لم تقع بعد، وازاء هذه الكثرة سأكتفى بإيراد أهمها في إيجاز ، وبخاصة ما بينه الفقهاء والعلماء، لأن المقصود من الشرح توضيح معنى متون الأحاديث، ودلالة ألفاظها، دون بسط الأدلة، واستيفاء أجوبة المخالفين، وأملى أن يستفيد الدعاة بمؤلفى هذا فقد رجعت في دراسته وبيانه إلى الشروح التي جمعتها من المؤلفات التي دونت في شرح صحيحي البخاري ومسلم رضى الله عنهما . كما أمل من مؤلفى أن يفتح الطريق إمام علماء الدعوة لإتمام الجهد الذي بدأته في شرح "اللؤلؤ والمرجان فحاجته إلى جهد العلماء كبير ، وحاجة الدعاة إلى العلم بما فيه أكبر، والعمر محدود لا يعلمه إلا الله، وقد يقصر بي عن إتمام هذا الشرح، والأمر بيد خالق الموت والحياة، وآملي في الله أن يعينني على استمرار العمل في شرح هذا الكتاب حتى ألقاه عند لحظة الأجل التي يعلمها الله وحده.