الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين .... وبعد فقد وفقني الله تعالى على الانتهاء من الجزء الثالث لمؤلفي"ركائز الدعوة والإيمان بشرح أحاديث اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان" وقد لاحظت فيه أن الإمام النووي لم يبوب لبعض كتبه مثل كتاب الاستسقاء ، والكسوف ، والجنائز ، ولذلك اتبعت تبويب ( اللؤلؤ والمرجان ) لأنه الأحسن في التقسيم ، والأيسر في الشرح والتفهيم ، كما لاحظت أن صاحب اللؤلؤ والمرجان يجمع أكثر من حديث في حديث واحد إذا كان السند واحدا ، وقد بينت ذلك في ترقيم أحاديث البخاري، وبعون الله تعالى سأتبع نفس المنهج الذي اتبعته في الأجزاء السابقة وآمل من الله تعالى أن يفتح القلوب والعقول لمؤلفي هذا الذي أرجو من ورائه شرح أحاديث اللؤلؤ والمرجان من خلال نظرة دعوية ، تبين محاسن الإسلام ، وارتباطه بالواقع البشري ، وتقديم الأحكام الشرعية في إطار منهج يجمع القصة والحوار ، وكافة أساليب البيان ، وأوجه البلاغة المختلفة ، ويظهر الواقع الاجتماعي لحياة الصحابة مع رسول الله ﷺ .. إن الحديث النبوي يقدم الحكم الشرعي في مراحله الأولى، ويمكن معرفة تاريخ الأحكام الشرعية من خلال معرفة موضوع كل حديث ، فقد تم الأخذ به ممن نقله عن رسول الله ﷺ ، في إطار حوار ، أو سؤال ، أو قصة .
وتختلف طريقة تقديم الأحكام الشرعية في علم الحديث عنها في علم الفقه ، فعلم الحديث يقدم الخبر الذي قاله رسول الله ﷺ أو عمل به ، أو قصه ، ويأخذ العلماء من الحديث الأحكام التي دل عليها من خلال سعة الحديث ، وتناوله الصورة الحياة الإسلامية في عصر رسول الله ﷺ ، وقصص اللقاء والتواصل للصحابة مع رسول الله ﷺ ، بينما علم الفقه يعرض الأحكام الشرعية متتابعة في كتب وأبواب ، والبحث عن أدلتها في القرآن الكريم والسنة النبوية ، وأعمال سلف الأمة ... ولهذا اكتفت السنة بعرض الموضوع مع غيره من موضوعات الدعوة والإيمان ، والتواصل بين العلماء ، وإخلاصهم في نقل السنة بجملتها للأجيال اللاحقة ، بينما الفقه يدور مع الحكم ، ويجمع له الأدلة ، ويناقشها، ويقارنه بالأقوال التي تعارضه في ذاته أو في أدلته، ولهذا لن أخوض في خلاف الفقهاء مكتفيا بعرض أرائهم ، وفي مؤلفات الفقهاء تفصيل لمن أراد المزيد .. أسأل الله تعالى أن يوفقني لما يحب ويرضى ، فهو ولي ذلك والقادر عليه وهو حسبي ونعم الوكيل.