الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد .. فبفضل الله ومعونته أواصل العمل في شرح كتاب "ركائز الدعوة والإيمان بشرح أحاديث اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان"
و تغمرني السعادة والرضا لأني به أعيش حياتي مع حديث رسول الله ﷺ منفعلا بمعانيه، مندمجا في مقاصده ومراميه ، وأشعر بما يلي : -
أولًا : أعيش مع أحداث العصر الأول للمسلمين ، حيث كان رسول الله يبين لأصحابه الكرام الدين ، ويعلمهم الأحكام ، ويحثهم على حسن المعاملة ويحضهم على مكارم الأخلاق، ويحدد لهم معايير الحياة الاجتماعية الصحيحة ... وأتأمل وقائع الحديث، وقد صارت عملا في حياة الأفراد والجماعات، وأصبحت صورة ناطقة توضح المراد من الحديث لقد نزل الوحي بالحديث ليكون مع القرآن الكريم المنهج الإلهي المنظم للصراط المستقيم . وقد لاحظت في هذا الجانب أن الحديث النبوي لم يكن قاصرا على الأحكام الشرعية، وبيان ما يجوز منها وما لا يجوز ، وإنما كان تصويرا للحياة الاجتماعية من كافة جوانبها ، فنظم للفرد حياته السوية ، وعلاقته بغيره ، وسلوكه القويم في السراء والضراء ، ووجه الجماعة إلى الاهتمام بأعضائها ، وتحسين العلاقة بين أفرادها ، وتنظيم علاقة الجماعة مع سائر المجتمعات.
ثانيا : ينقل الحديث قارئه إلى الجو والظروف التي قيل فيها حيث يرى تألق الإعجاز في الوحي، ويلمس التقاء النص مع العقل ، ويشاهد استصحاب الرسالة واقع البشر وحياة الناس، ويظهر التكامل البين بين الوحي المنزل والإنسان السوي، وهذا أمر يجعل الطاعة رغبة ، ويحول الخشوع والخضوع إلى قوة ، وتمكين، ويرفع المؤمنين الصادقين إلى الدرجات العلا .. إن الحديث وحي من الله تعالى ، وقائله هو رسول الله ﷺ ، ورواته هم صحابة رسول الله ﷺ ، وسامعوه الأول هم أصحاب رسول الله ﷺ ، ويكفي من يعيش مع الحديث اليوم دارسا ، أو قارنا ، أو مستمعا أن يضع عقله وفكره مع هذه الحقائق المستفادة من حديث رسول الله ﷺ