Scalable business for startups

401 Broadway, 24th Floor New York, NY 10013.

© Copyright 2024 Crafto

مؤلفات
أ.د. أحمد أحمد غلوش

ركائز الدعوة والإيمان بشرح أحاديث اللؤلؤ والمرجان - الجزء السابع

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد .. فبفضل الله ومعونته أواصل العمل في شرح كتاب "ركائز الدعوة والإيمان بشرح أحاديث اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان"
و تغمرني السعادة والرضا لأني به أعيش حياتي مع حديث رسول الله ﷺ منفعلا بمعانيه، مندمجا في مقاصده ومراميه ، وأشعر بما يلي : - 
أولًا : أعيش مع أحداث العصر الأول للمسلمين ، حيث كان رسول الله يبين لأصحابه الكرام الدين ، ويعلمهم الأحكام ، ويحثهم على حسن المعاملة ويحضهم على مكارم الأخلاق، ويحدد لهم معايير الحياة الاجتماعية الصحيحة ... وأتأمل وقائع الحديث، وقد صارت عملا في حياة الأفراد والجماعات، وأصبحت صورة ناطقة توضح المراد من الحديث لقد نزل الوحي بالحديث ليكون مع القرآن الكريم المنهج الإلهي المنظم للصراط المستقيم . وقد لاحظت في هذا الجانب أن الحديث النبوي لم يكن قاصرا على الأحكام الشرعية، وبيان ما يجوز منها وما لا يجوز ، وإنما كان تصويرا للحياة الاجتماعية من كافة جوانبها ، فنظم للفرد حياته السوية ، وعلاقته بغيره ، وسلوكه القويم في السراء والضراء ، ووجه الجماعة إلى الاهتمام بأعضائها ، وتحسين العلاقة بين أفرادها ، وتنظيم علاقة الجماعة مع سائر المجتمعات.

ثانيا : ينقل الحديث قارئه إلى الجو والظروف التي قيل فيها حيث يرى تألق الإعجاز في الوحي، ويلمس التقاء النص مع العقل ، ويشاهد استصحاب الرسالة واقع البشر وحياة الناس، ويظهر التكامل البين بين الوحي المنزل والإنسان السوي، وهذا أمر يجعل الطاعة رغبة ، ويحول الخشوع والخضوع إلى قوة ، وتمكين، ويرفع المؤمنين الصادقين إلى الدرجات العلا .. إن الحديث وحي من الله تعالى ، وقائله هو رسول الله ﷺ ، ورواته هم صحابة رسول الله ﷺ ، وسامعوه الأول هم أصحاب رسول الله ﷺ ، ويكفي من يعيش مع الحديث اليوم دارسا ، أو قارنا ، أو مستمعا أن يضع عقله وفكره مع هذه الحقائق المستفادة من حديث رسول الله ﷺ

01
كتاب الإمارة

أقام الإسلام دولته بعـد الهجـرة بمـنهج االله تعـالى علـى عـادة البـشر، فقـد صـار للإسلام أرض هي المدینة المنورة ، وأصبح لـه شـعب مـن العـرب والیهـود وغیـرهم ، وقضى االله تعـالى فجعـل رسـوله محمـدا صلى الله عليه وسلم قائـدا ووالیـا ، وأنـزل دینـه لیكـون دسـتور الحكــم ، وقــانون العمــل ، وكلــف المــؤمنین بحمــل الــدین مــع رســول االله صلى الله عليه وسلم إلــى غیرهم في العالم كله ، هداة للحق، ودعاة للصراط المستقیم، وأخذ رسول االله صلى الله عليه وسلم یسوس النـاس بحكـم االله تعـالى، وحـافظ لهـم علـى تقالیـد القبیلـة، وعـادات الإدارة والعمـل، واتخـذ شـواره مـن كبـار أصـحابه، وقـدم أولـي الـرأي، والفهــم مــن النــاس ، وعــاش النــاس مــع رســول االله صلى الله عليه وسلم راضــین برســالته صلى الله عليه وسلم فقــادهم بمنهج االله تعالى، وتعالیم دینه الحنیف .

ولــم یتــرك رســول االله صلى الله عليه وسلم النــاس حیــارى مــن بعــده ، فـدربهم علـى الولایــة، وعلمهـم الاجتهــاد، ونــصحهم بـضرورة وجــود وال یرعــى شـئون الحكــم والــسیاسة ، وقال لهم : ( إذا كنتم ثلاثة فأمروا أحدكم )، ووضح لهم ضـرورة وجـود الـولاة، فأمر على المدینـة مـن ولـي أمرهـا حـین تـرك المدینـة ، وأمـر علـى الـسرایا والغـزوات إذا لــم یخــرج معهــا ، ویــسر لهــم طــرق الاختیــار ، فقــال لأصــحابه : ( الأئمــة مــن قریش )ولذلك اختار المسلمون أبا بكر للخلافة یوم وفاة رسول االله صلى الله عليه وسلم، وقد كثر الحدیث عن حكم الخلافـة، وعـن مـستحقیها ، وعـن علاقتهـا بالـشورى والنظـام الإسـلامي الـسیاسي، فتكونـت بـسببها المـذاهب ، ونـشأت الفـرق ، وتعـددت القضایا، وهذا ما سنوضحه بإذن االله تعالى مع شرح أحادیث الكتاب 

02
باب الناس تبع لقريش

حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: النَّاسُ تَبِعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ، مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِم، وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ.
حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمُ اثْنَانِ.
حديث جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَأَبِيهِ سَمُرَةَ بْنِ جُنَادَةَ السُّوَانِيَ قَالَ جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ لله : سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ : يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا، فَقَالَ كَلِمَةً لَمْ أَسْمَعْهَا فَقَالَ أَبِي: إِنَّهُ قَالَ : كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ.

03
باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله

(1)حديث أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: انْتَدَبَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانُ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي ، أَنْ أَرْجِعَهُ ، بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةِ، أَوْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ. 
وَلَوْلَا أَنْ أَشْقَ عَلَى أُمَّتِي مَا فَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ، وَلَوَدِدْت أَنِّي أَقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ أَحْيَا ثُمَّ أُقْتِلُ، ثُمَّ أَحْيَا ثُمَّ أَقْتَلُ.
(2)حديث أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ ، وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ، بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرْجَعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَة.
(3)حديث أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: كُلَّ كَلْمٍ يُكْلَمُهُ الْمُسْلِمُ فِي سبيلِ اللَّهِ يَكون يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهَا إِذْ طُعِنَتْ تَفَجَّرُ دَمَاءَ اللَّوْنُ لَوْنُ الدم والْعَرْفُ عَرْفُ الْمِسْكِ

04
كتاب الصيد والذبائح

فضل االله الإنسان على كثیـر مـن خلقـه ، وسـخر لـه الكائنـات، فجعـل اللیـل لباسـا، والنهـار معاشـا ، ویـسر لـه سـبل الحیـاة تأتیـه حیـث یـشاء، یستنـشق الهـواء، ویــشرب المــاء، ویأكــل ممــا تنبــت الأرض، وممــا یتوالــد مــن الأنعــام ، ومــن الطیــر والسمك، والجراد .... وغیرها، وقــد شــرع االله تعــالى الــنظم لیعــیش بهــا الإنــسان عبــدا مكرمــا ، وعزیــزا بــین مخلوقات االله تعالى، ویتحقق له خلالها المساواة، والعدل، والتقدم .

عرف االله تعالى الإنسان بما یجوز أكله من اللحـم ، وبمـا لا یجـوز إلا بذبحـه، أو صــیده، وحــدد لــه مــالا یــصح أكلــه مطلقــا ، فأحــل االله تعــالى أكــل لحــم حیــوان البحر وان كان میتا ٕ ، واشترط في الإبل، والغـنم، والبقـر ، والطیـر المـستأنس الـذبح ، وأجاز صید البر وحرم منه كل ذي مخلب من الطیر، وكل ذي ناب من السباع، والـصید اقتنـاص حیـوان متـوحش یحـل أكلـه ، غیـر مملـوك لأحـد ، ولا مقـدورعلیـه ، وقــد أبــاح االله تعـالى الــصید فــي البـر، والبحــر ، فقــال تعــالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ، مَتَاعًا لَكُمْ وَالسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمَا )، وقال عز وجل: (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَأَصْطَادُوا ) .
والذبائح جمع ذبيحة، والذبيحة الحيوان الذي يقع عليه الذبح، وهو في الاصطلاحما يتوصل به إلى حل أكل الحيوان المقدور عليه ، وغير المقدور عليه، والحكمة في الذبح إزالة الدم المسفوح، والتنفير مما يفعله المشركون في الأكل، واظهار كرم الله تعالى.

05
كتاب الصيد بالكلاب المعلمة

(1)حديث عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نُرْسِلُ الْكِلابَ الْمُعَلَّمَةَ ؟
قَالَ : كُلِّ مَا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ
قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلْنَ ؟
قَالَ : وَإِنْ قَتَلْنَ
قُلْتُ: وَإِنَّا نَرْمِي بِالْمِعْرَاضِ؟
قَالَ : كُلِّ مَا خَزَقَ، وَمَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ.
(2)حديث عَدِي بْنِ حَاتِمٍ قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قُلْتُ: إِنَّا قَوْمٌ نَصِيدُ بِهَذِهِ الْكِلابِ ؟
فَقَالَ : إِذَا أَرْسَلْتَ كِلابَكَ الْمُعَلَّمَةَ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلِّ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَإِنْ قَتَلْنَ، إِلَّا أَنْ يَأْكُلَ الْكَلْبُ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ خَالَطَهَا كِلاَبٌ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا تَأْكُلْ. 
(3)حديث عَدِي بْنِ حَاتِمٍ قَالَ : سَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ عَنِ الْمِعْرَاضِ ؟
فَقَالَ : إِذَا أَصَابَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، وَإِذَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّهُ وَقِيذُ
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُرْسِلُ كَلْبِي وَأُسَمِّي، فَأَجِدُ مَعَهُ عَلَى الصَّيْدِ كَلْبًا

06
كتاب الأضاحي

الأضـاحي جمـع أضـحیة، والمـراد بهـا الـذبائح التـي یتقـرب بهـا إلـى االله تعـالى فـي یــوم العیـد الكبیــر، وهـي شــعیرة إســلامیة یؤدیهـا المــسلمون یـوم العیــد الكبیــر، ویسمى العید بها فیقولون عید النحر، وعید الأضحیة، وفـي لفــظ (الأضــحیة) أربــع لغــات هــي : أُضـحیة بــضم الهمــزة ِٕ ، واضــحیة بكسرها ، وجمعها أضاحي بتشدید الیـاء، وتخفیفهـا ... واللغـة الثالثـة ضـحیة (بفـتح الــضاد وكــسر الحــاء) وجمعهــا ضــحایا ... واللغــة الرابعــة أضــحاه بفــتح الهمــزة وســكون الــضاد، وفــتح الحــاء ومــدها بــالألف)، وجمعهــا أضــحى ( بفــتح الهمــزة وسكون الضاد وكسر الحاء وتشدید الیاء) ... وسـمي یـوم العیـد الكبیـر بالأضـحى لأن التـضحیة أهـم أعمالـه، وأكثرهـا تـأثیرا بین الناس ، فالغني یضحي ویعطـي، والفقیـر یأخـذ ویفـرح، ویعـیش جمیـع المـسلمین معاني الفداء، والتضحیة التي یرونها في هذا الیوم الكریم

والأضحية مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة :
أما الكتاب فقوله تعالى: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ )، وقد فسر العلماء الصلاة بصلاة العيد، والنحر بذبح الأضحية، وقد أمر الله تعالى بهما وأما السنة فقد صح أن الصحابة الكرام تحللوا من العمرة، فلما ( كان يوم التروية أهلوا بالحج، ونحر النبي ﷺ بدنات بيده قياما، وذبح رسول الله ﷺ بالمدينة كبشين أملحين ").
وقال النبي ﷺ: ( من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا)

07
باب وقت الأضحية

(1)حديث جُنْدَبٍ قَالَ : صَلَّى النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ ذَبَحَ، فَقَالَ: مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّي فَلْيَذْبَحْ أُخْرَى مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ .
(2)حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ : ضَحَّى خَالٌ لِي، يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ، قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ : شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ
فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عِنْدِي دَاجِنَا جَذَعَةً مِنَ الْمَعَزِ
قَالَ : اذْبَحْهَا ، وَلَنْ تَصْلُحَ لِغَيْرِكَ ثُمَّ قَالَ : مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ .
(3)حديث أَنَسٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ : مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ.
فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ : هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهى فِيهِ اللَّحْمُ، وَذَكَرَ مِنْ جِيرَانِهِ ، فَكَأَنَّ النَّبِيَّ صَدَّقَهُ
قَالَ: وَعِنْدِي جَذَعَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ، فَرَخَّصَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ
فَلَا أَدْرِي أَبَلَغَتِ الرُّخْصَةُ مَنْ سِوَاهُ، أَمْ لَا.
(4)حديث عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ، فَبَقِيَ عَتُودٌ ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: ضَحٌ أَنْتَ

08
كتاب الأشربة

الأشربة جمع شراب، والشراب اسم لما يشرب من أي سائل كان ماء أو غيره، وعلى أي حال كان شربه، وأي شيء يدخل الجوف بلا مضغ فهو شراب، وفي الاصطلاح تطلق الأشربة على كل مسكر من الشراب مهما كان مصدره المتخذ منه، سواء كان متخذا من الثمار، كالعنب والرطب، والتين، أو من الحبوب كالحنطة، أو الشعير ... أو الحلويات كالعسل ... وسواء كان مطبوخا أو نينا، والأشربة المحرمة أنواع كثيرة ، وكلها تأخذ حكم الخمر لأنه يشملها بأحكامه القاطعة الثابتة في كتاب الله تعالى وسنة النبي ﷺ
وقد تم تحريم شرب الخمر بالتدريج ، فقد بدأ تحريم الخمر بالإشارة في قوله : ( وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَبِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا وَرِزْقًا حَسَنًا) فقد أشارت الآية إلى أن ما يتخذ من النخيل والعنب قد يكون رزقا طيبا ، وقد يكون مسكرا وهو رزق غير حسن ... فلما سأل الصحابة عن الخمر نزل قوله : ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا) فعلم المسلمون من ذلك أن أضرار الخمر أكبر من منفعته.

09
باب آداب الطعام والشراب وأحكامها

(1)حديث عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ.
فَقَالَ لِي رَسُولُ الله ﷺ : يَا غُلامُ سَمِّ اللَّهَ، وَكُلُّ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْد.
(2)حديث أَبِي سَعِيدِ الْخُدْرِيِّ له قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ، يَعْنِي أَنْ تُكْسَرَ أَفْوَاهُهَا فَيُشْرَبَ مِنْهَا.

10
كتاب اللباس والزينة

نظم الإسلام للإنسان حياته جميعا ، وبين له الحلال والحرام ، ولم يدع له شأنا بلا حكم شرعي يحله أو يمنعه .... حتى الخلاء وقضاء الحاجة فلها آداب وأحكام في الإسلام
ومن هذا الباب اهتمام الإسلام باللباس والزينة ، وقد أمر الله تعالى بستر العورة، وأباح الزينة، واتخاذ الألبسة ، وبين ما فيها من حلال أو حرام ، فقال تعالى : { يَنبَنِي ءَادَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدِ ) فأمر الله ﷺ بستر العورة، وسمى ستر العورة زينة لأنها مقصد الشرع المتفق مع رغبة الإنسان وستر العورة واجب في الصلاة، وعندما يكون المسلم مع الناس من غير محارمه ، يقول النبي :( كلوا واشربوا وتصدقوا في غير سرف ولا مخيلة إن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده) فقد أباح الله تعالى للناس الأكل، والشرب، واللبس والتصدق من كل حلال مشروع مادام خاليا من السرف والمخيلة
والسرف مجاوزة الحد في كل قول أو فعل ، وهو في إنفاق المال أشهر.
والمخيلة بوزن عظيمة مشتقة من الخيلاء ، وهو التكبر ... يقول الراغب : الخيلاء التكبر ، ومنشأه فضيلة يراها الإنسان في نفسه متميزا بها ، ويراها في صفة لها شأن وسط الناس

11
كتاب الآداب

الآداب جمـع مفـرده أدب، ومجالاتـه عدیـدة، وفـي التـسمیة بـالجمع إشـارة إلـى تعـدد الآداب وتنوعهـا ، لأن الأدب یعنـي حـسن یظهـر فـي القـول والعمـل ، ویـشمل كافة مكارم الأخـلاق، ویتحـول إلـى رضـا یـشمل الإنـسان ومـن یتعامـل معـه، ولـذلك عمم كل َّ عرف الأدب ولم یخصصه بلون واحد ، فقیل الأدب هو : توقیر الكبیر ، والرفق بالصغیر . وقیل هو : لین القول، والتعامل بالسماحة، والخلق الطیب. وقیل هو : الكلام الرقیق، والبیان البدیع البلیغ . وقیل الأدب مأخوذ من المأدبة التي تعد للطعام . وقیل هو الشعر والنثر في كلام العرب، وأرى أن الأدب یــشمل كافــة التحــسینات التــي تظهــر فــي الــسلوك، والأعمــال والأقوال والأحوال ، والظاهر والباطن. وقد بین الفقهاء أن الأدب یكون في الضروریات التي تـشمل الفـرائض، وفـي الكمالیات التي تشمل السنن، وفي التحـسنیات التـي تـشمل كافـة مـا فـي الإسـلام مـن جمال 

12
كتاب السلام

السلام یعني الأمن والطمانینة ، والمراد به في هذا الكتاب إلقاء السلام . والسلام في عمومه یشمل رضى الإنـسان عـن نفـسه، وحبـه لإخوانـه ، وحرصـه على مصالح البلاد، والعباد، وبهذا ینتهـي الـصراع، ویعـیش النـاس فـي أمـان وهـدوء بعیدین عن المرض والكوارث، وأبواب الكتاب تبین أنها تتضمن ثلاثة أمور:
الأمـــر الأول : إلقــاء المــسلم الــسلام علــى مــن یقابلــه ویلتقــي بــه مــع الــدعاء بالرحمـة والبركـة، والتعهـد الـضمني بعـدم العـدوان ، والتـزام الأمـن ، والحـرص علـى كل ما یفید الذي یسلم علیه ... ویتم العهد برد السلام ، ولذا فرض االله تعالى رد السلام على من یسمعه، وحتـى یـصیر الـسلام هـدفا مقـصودا لـسائر النـاس شـرع الإسـلام صـیغة معینـة فــي الإلقــاء والــرد تفیــد وحــدة القــصد، ففــي الإلقــاء یقــول المبتــدئ: "الــسلام علــیكم ورحمة االله وبركاته "، وفي الرد : " وعلیكم السلام ورحمة االله وبركاته "، وقــد تــضمن الكتــاب مـا یتعلـق بالـسلام، مثـل أحكـام الـسلام علـى الــصغیر، وعلــى المــرأة، والمناجــاة، كمــا تــضمن مــا یتعلــق بــالمرض، والحــسد، والــسحر، والدواء، وبوجوه من الطب النبوي.
الأمر الثاني: بیان حقیقة العین، والسحر، والعلاج من المرض بصورة عامة. 
الأمر الثالث: حسن رعایة الحیوان المحترم، وقتل الحیوانات والحشرات الضارة ولــذلك آثــرت تــسمیة الكتـاب ب ( كتــاب الــسلام والطــب)

13
باب العين

حديث أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: الْعَيْنُ حَقٌّ.

 

14
أبواب قتل الحيات وغيرها

(1)حديث ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي لُبَابَةَ .
قَالَ ابْنُ عُمَرَ : إِنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ، يَقُولُ:
اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ، وَاقْتُلُوا ذَا الطَّفْيَتَيْن ، وَالأَبْتَرَ، فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ وَيَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : فَبَيْنَا أَنَا أَطَارِدُ حَيَّةً لَأَقْتُلَهَا، فَنَادَانِي أَبُو لُبَابَةً
ﷺ: لا تَقْتُلْهَا .
فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ .
قَالَ: إِنَّهُ نَهى بَعْدَ ذلِكَ عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ، وَهِيَ الْعَوَامِرُ، وَفِي رِوَايَةٍ فَرَآنِي أَبُو لُبَابَةَ أَوْ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ) .
(2)حديث عَبْدِ اللهِ بْن مَسْعُودٍ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي غَارِ، إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ وَالْمُرْسَلَاتِ فَتَلَقَّيْنَاهَا مِنْ فِيهِ، وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا، إِذْ خَرَجَتْ حَيَّةً
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : عَلَيْكُمُ اقْتُلُوهَا .

15
كتاب الأدب في الألفاظ

حقيقة الإنسان داخله، ففي داخله العقل الفاهم المدرك، الذي به يتصور ويحكم، ويختار ويقرر . وفيه النفس بأمانيها ، وأحلامها ، وميولها ، ومحاذيرها، ومخاوفها، وفيه العواطف التي تأسر الظاهر في إطارها، وتأخذه في ردهاتها الفسيحة وتبعده عن كل ما حوله فهو يشعر بها ولا يراها، ويعايشها ولا يلمسها، وفيه الوجدان الذي يسمو بالجمال، ويحب العظمة، ويرتقي في مقامات الصعود للّٰه
ـ يقول النبي : ( ألا وإن في الجسد مضغة : إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ).
ورأى سعيد بن المسيب رجلا وهو يعبث بلحيته في الصلاة، فقال : " لو خشع قلب هذا ، لخشعت جوارحه " ) .
وقد خلق الله تعالى في جوارح الإنسان آلة تعبر عنه ، وهي اللسان، أداة البيان والفصاحة، وكاشفة ما في النفس والضمير.
والإنسان محتاج إلى الكلمة الجميلة ، يقول عبد الله الأشج الرسول الله ﷺ وكان رجلا دميما : (إنما يحتاج من الرجل إلى أصغريه لسانه وقلبه )

الى الاعلى