Scalable business for startups

401 Broadway, 24th Floor New York, NY 10013.

© Copyright 2024 Crafto

مؤلفات
أ.د. أحمد أحمد غلوش

نظام الإسلام في صناعة الإنسان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .. وبعد ،،،،،  فإني أقرر ابتداء أن الله تعالى بدأ خلق الإنسان بآدم الله على النحو الذي بينه الوحي، ووضحه القرآن الكريم، لأن القول بسبق أوادم قبل آدم ال قول بلا دليل، ويرده عدم وجود أي أثر لواحد من هذه الأوادم . وأومن بأن الله تعالى خلق آدم عليه السلام نموذجا للإنسان الكامل المتمتع ، وبعقل يفهم، ويعلم ببدن يحتاج إلى الطعام والشراب، والنكاحوبروح تسبح، وترغب، وتسعى للتواصل مع الله تعالى . ويقرر ، ويختار وقدر للبشرية أن تنتسب لآدم الله أبا لهم جميعا، وأنزل الوحي للناس في سائر الأمم ليسيروا على منهج الله كما كان أبوهم آدم عليه السلام.   خلق الله آدم الوسط كوكبة من الملائكة، ومعهم إبليس، فقد أمر الله تعالى الملائكة بتسوية مخلوق من طين الأرض فأطاعوه، وسووا من الطين كائنا على النحو المطلوب، وبقى الطين جسدا جامدا إلى أن نفخ الله تعالى فيه من روحه فتحرك، وتكلم، وقال الله تعالى للملائكة : ﴿ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا من طِينٍ فَإِذَا سَوَيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) 
وبدأت حركة الحياة على الأرض مع وجود إنسان استخلفه الله فيها، وعظمته الملائكة بأمر الله تعالى . وخلق الله تعالى حواء من ضلع آدم الأيمن، وأسكنهما الله الجنة، وقدر لهما الخروج منها، وتعمير الأرض، ووضح لهما عدوهما الذي جعله الله تعالى سببا لإخراجهما من الجنة، وهو إبليس اللعين . وبدأ توالد الآدميين من آدم وحواء - عليهما السلام - على نحو أراده الله تعالى وقدره ... وبذلك تجلت صورة الحركة في الحياة الدنيا، حيث يعمل آدم الله بالوحي الذي ينزل عليه من ربه لتنظيم مسيرته، ومسيرة ذريته في الأرض، مع وجود إبليس وأبنائه وسط الآدميين للإضلال والوسوسة .

01
الباب الأول: تهيئة المحضن الصحيح لإيجاد الولد

المراد بالمحضن البيئة التي تضم الولد، وتحيط به، وتحافظ عليه، وتمده بالعواطف، والعادات والتقاليد بما يناسب عمره ، ومداركه، وعناية الإسلام بالمحضن تبدأ قبل ظهور الولد في عالم الحياة، وحتى قبل أن يقترن أبوه بامه وسبب ذلك أن الله تعالى أراد إيجاد الولد وسط محضن صالح، بعد لقاء نظيف، لينشأ عبدا مؤمنا صالحا على نمط أبويه. لم يرد الله تعالى للولد أن يأتي من سفاح كما كان يأتي في الجاهلية، ولم يرد له أن يخرج من أبوين لا دين لهم، ولا نسبا يعرف بهما، ولا صلاحا يرفعهم، ولذلك شرع الزواج، وحث عليه، ووضع له المنهج القويم ليقوم الناس به

أودع الله تعالى في نفوس الرجال والنساء حب الولد، ورزقهم ميل كل منهما للآخر لإشباع رغباتهم المادية والروحية، وحث كل منهما على الاقتران بالآخر في إطار المشروعية الدينية لينالا الأجر ، وهما يعملان لإشباع البدن، وإرضاء الروح، وكسب خيرات الدنيا من مال، وجاه، وولد . وفي هذا الباب سنعيش مع منهج الإسلام وهو يدعو إلى تأسيس محضن حسن للولد، يبدأ بالاختيار، واتباع منهج واضح في خطوطه المشروعة، ففيه الخطبة، والمهر ، والإعلان، والبشر، ... وبهذا يولد الولد في بيئة صالحة، ومع أبوين مؤمنين ينشأ بينهما، ويربى وسطهما، ويكتسب منهما الدين، والمعرفة، ومكارم الأخلاق

إن الإنسان الفرد هو أساس الأسرة، وهو أساس المجتمع كله، وإصلاحه إصلاح للمجتمع كله . ومن الحقائق الدينية الواقعية أن الناس رجالا ونساء ليسوا على صورة واحدة، فهم يتنوعون إلى أنواع شتى بعدد معادن الأرض التي صنعوا منها أول مرة ، يقول النبي : تجدون الناس معادن ، فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا )، ومن هذا الحديث ندرك كما هو الواقع أن الناس أنواع شتى وقد أثبت العلم الحديث أن عدد معادن الأرض تسعة وتسعون معدنا منها الصفيح الردئ، ومنها الحديد الصلب، ومنها المعدن الثمين . وعندما يبلغ الفتى، ويملك مؤن الزواج فإنه يفكر في زوجة تشاركه سعي الحياة، وتعينه على لأوائها، وقضاياها ، ويأنس بها كما تأنس به، ويحققا معا آية كبرى من آيات الله تعالى في الناس، وهي الترابط البدني والروحي، يقول الله ﷺ : ﴿ وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)

02
الفصل الأول: الولد في عالم الغيب

خلق الله الإنسان من زوجين اثنين، وبث منهما رجالا كثيرا ونساء وعمر الأرض بذريتهما، وجعل من هذه الذرية أمما تنتشر في الأرض كلها وفطر الله تعالى الناس بدوافع كامنة ينشأون بها، ويعملون لإشباعها ، ومن أهم هذه الدوافع دافع الميل بين الرجل والمرأة، ودافع الوالدية عندهما كذلك وقد عمل الإنسان على إشباع هذين الدافعين بوسائل كثيرة ، وطرق شتى تختلف باختلاف الأمم، والمذاهب، والعادات بعضها نزل به الوحي، وبعضها من اختراع الناس. وأرسل الله تعالى رسله للناس بنظم عديدة، ومنها نظام الزواج الذي جعله الله تعالى بديلا لإخراج حواء من آدم الله ، وشرعه لتعمير الأرض بالذرية، ونشر المودة والرحمة بين الناس .وقد شرع الإسلام الزواج، ووضعه للعالمين نظاما يحدد الحقوق والواجبات للزوجين، وللوليد الذي تلده الأم .

إن الأبوين يحبان الولد، ويعلمان أنه هبة من الله تعالى ، ويتعلقان به بعد مولده، ويحافظان عليه، ويرعيانه حتى بعد أن يصير شابا فتيا إلى أن . يتركانه إلى الله تعالى . وفي هذا الفصل سأبين حب الوالدين للولد قبل أن يكون شيئا ، وإيجاد ميل فطري نحوه وهو في عالم الغيب، والقيام بتهيئة المحضن الحسن استعدادا لمقدمه المأمول.

03
الفصل الثاني: التوجيه العملي لصناعة الولد

شرع الله تعالى الزواج لتحقيق الأنس والمودة، وإيجاد الولد في جو آمن يحيطه الحب والحنان والرعاية . إن تشريع الزواج بمنهج الله تعالى يؤدي إلى ظهور أبناء ينشأون في محضن كريم يعلمون نسبهم، ويرون في الآباء والأمهات الإسلام الحقيقي في أقوالهم ، وأفعالهم ، ويتقدم بهم العمر ومعهم معالم آبائهم وأمهاتهم

إن عظمة التشريع الإسلامي في الزواج تبدو حين ننظر إلى أي مجتمع إباحي، يبيح الفجور والفسق، ويسمح للشباب والبنات باللقاء الشهواني، والإعجاب المتبادل، والنظرات الماجنة، حيث نجد أطفالا تربيهم الخادمات بلا حنو ولا شفقة، ونرى لقطاء ينشأون في الملاجئ ودور اللقطاء بلا رحمة ولا حنان. وقد حاولت بعض المذاهب الوضعية إلغاء الزواج، ونادوا بشيوعية المرأة، ففشلوا فشلا ذريعا، وعادوا إلى الفطرة، وأباحوا لأتباعهم الزواج . إن الإسلام يشرع الزواج، وييسر كل ما يتعلق به، ويوصي بضرورة إنشاء الزواج على أسس متينة، لتقوم الأسرة المسلمة بدورها التي شرعت له، وهو تحقيق الأمن والاستقرار للزوجين في جو من الأنس والمودة، وإيجاد نسل كريم، وذرية طيبة تتصف بصفات والديهم في الدين والخلق . ولهذا شرع الله تعالى أمورا عدة لابد منها قبل الزواج

04
الباب الثاني: الجنين في بطن أمه

شرع الله تعالى الزواج، ووضحت الشريعة مقدماته التي ذكرتها في الفصل السابق .... ويبدأ الزوجان حياتهما بعد إتمام عقد الزواج بالدعاء والتوجه إلى الله تعالى ليصلح ما بينهما، ويوفقهما لحياة أسرية طيبة، مليئة بالحنان والمودة، ويهبهما الولد كما يشاء الله ، ويشبع ما فطرهما عليه من غرائز تتعلق بحب الجنس الآخر، وحب الولد، وحب الأمن والاستقرار .

يجب أن تقوم حياة المسلمين على منهج الله تعالى، وتستقيم على نظمه، وشريعته في كل حال، وفي كل وقت ، لأن المسلم الحق عبد صادق أمين في عبوديته لربه، وبخاصة أن سيده هو رب الوجود كله ، ولا يغيب شيء عن علمه ، وكل شيء بيده، وعطاؤه واسع ، وليس كمثله شيء، وهذا يجعل العبودية قائمة على منتهى الخوف، ومنتهى الحب، ومقتضى هذا الشعور الصدق التام في القول، والإخلاص التام في الاستسلام والطاعة.

إن الجنين يبدأ علوقه برحم أمه بعد الدخول بتقدير الله تعالى في وقت لا يعلمه إلا الله ، ويأخذ في التطور وهو في محضنه الحصين حتى يتم تكونه، ثم يخرج إلى الدنيا طفلا يحتاج للرعاية من رضاعة، وحضانة ونفقه، وتلك كلها أمور قدرية بحتة يتم خلالها المحافظة على الطفل، ورعايته

يقول ابن قيم الجوزية : والجنين في بطن أمه بمنزلة الثمرة على الشجرة في اتصالها بمحلها اتصالا قويا ، فإذا بلغت الغاية لم يبق إلا انفصالها لثقلها، وكمالها، وانقطاع العروق الممسكة بها ... فهكذا الجنين تنتهك عنه تلك الأغشية ، وتنفصل العروق التي تمسكه بين المشيمة والرحم ، وتنصب  تلك الرطوبات المزلقة فتعينه على الخروج وينفتح الرحم انفتاحًا عظيمًا جدًا عند الخروج وهذا لا يتم إلا بعناية إلهية ، وتدبير تعجز عقول الناس عن إدراك كيفيته.

05
الفصل الأول: أطوار الجنين في بطن أمه

يمر الجنين في بطن أمه بأطوار عدة تبدأ بالنطفة التي تتكون في الرحم نتيجة التقاء الحيوان المنوي للرجل ببويضة المرأة في الرحم، ويأخذ التطور أشكالا متعددة تبدأ بالعلوق وتنتهي بالولادة . وهذه الحالات التطورية في بطن الأم تتم في ستر تام والفقهاء والعلماء يسمون الولد خلال هذه المراحل بالجنين لبعده عن أنظار الناس، يقول الله تعالى : ( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتِ ثَلَثَ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) ، وهذه الظلمات هي ما يحيط بالجنين من خفاء، بحيث لا يراه أحد، وبسبب هذا الخفاء سمى الجن جنا لعدم رؤيته . 
ويرى جمهور الفقهاء أن مسمى " الجنين " يطلق على الولد من اللحظة الأولى للحمل، ويذهب الإمام الشافعي إلى أن الاستعمال الحقيقي للجنين يكون بعد مرحلة المضغة، وما قبلها فهو استعمال مجازي باعتباره مقدمة لتكوين الجنين . ويؤيد الطب الحديث رأي الشافعي، لأنه يذهب إلى أن الجنين اسم يطلق على الولد في بطن أمه عندما يظهر عليه الطابع الإنساني بتكون الأجهزة المعروفة للإنسان، وهذا الطابع يكون بعد مرور ثلاثة أشهر من الحمل

06
الفصل الثاني: الأحكام الشرعية لأعمال تتصل بالحمل

ينشد الأبوان الولد بالزواج، ويهتمان بالإنجاب اهتماما خاصا، ويدعوان الله تعالى أن يرزقهما الولد يسألون ربهم، ويقولون : ( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) ، لما في فطرتهما من حب الولد، وما في عقلهما من أن الولد هبة الله تعالى . وقد امتن الله تعالى على عباده ورسله بهبة الولد، فوهب لإبراهيم العلي الولد، والحفيد، وجعلهما رسلا، يقول الله تعالى : ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةٌ وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ ) . واستجاب الله تعالى لزكريا الله حين طلب منه الولد، يقول :( وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَشِعِينَ )

وامتن الله تعالى على الإنسان بأن رزقه زوجة من نفسه، ورزقه وزوجته البنين والحفدة، يقول ﷺ : ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ) ويمضي القدر في الناس كما يشاء الله رب العالمين ، فشرع الزواج ووهب الولد، إلا أن أمورا قد تحدث في حياة الناس تدفعهم إلى أعمال خارجية تتصل بالولد إيجابا أو سلبا .فقد يحدث عجز عند الرجل يمنعه من إيصال مائه إلى رحم زوجته بسبب صحي، أو عضوي، أو بغير ذلك يحدث أن يحتاج أحد الزوجين لتأخير الإنجاب مدة ما، وتنظيمه لظروف تخصهما . وقد يضطر الزوجان أو أحدهما إلى التخلص من الجنين، وإسقاطه . وهذه مسائل يتعرض لها بعض الأزواج.

07
الفصل الثالث: رعاية الجنين في بطن أمه

الجنين في بطن أمه يبدأ بنطفة مكونة من مادة سائلة، وحياة تحركها ، ولهذا لا تقف النطفة عند صورة ثابتة ، ولا تجمد على حالة واحدة، وإنما تكبر، وتتطور، وتتخلق إلى أن تصير وليدا يخرج من بطن أمه ورعاية الجنين يكون برعاية أمه ، فهو جزء منها، يسكن في أحشائها، ويرتبط غذاؤه بغذائها ، ويستمد إدراكاته، وأحاسيسه من عواطفها، وحنانها.

إن الأم في فترة الحمل لا تغفل عن حركة جنينها، وتمني نفسها بيوم خروجه إلى الدنيا، وتستعد لاستقباله بإعداد المكان واللباس، وكل ما يساعد في المحافظة عليه ويهتم الزوج بما في بطن زوجته، ويطمئن عليه في غدوه ورواحه، ويسارع بها إلى الطبيب إذا شعرت بمكروه في بدنها، أو في بطنها  ويعمل الزوج مع زوجته في نشاط دائم استعدادا لمقدم الوليد الميمون. إن الإسلام يراعي الحامل، ويحافظ على طاقتها البدنية، وهدوئها النفسي، وتفكيرها العقلي، لما في ذلك من أثر ينعكس على نمو الجنين بدنيا وعاطفيا، وعقليا .

 

08
الباب الثالث: استقبال الولد

يأمل الزوجان في الولد بعد الزواج، ويدعوان الله تعالى أن يهبهما أولادا صالحين، يملأون البيت ضجيجا، وصخبا ، ويملكون القلوب سرورا وفرحا، ويساهمون في نشر الإسلام، وقوة المسلمين، وإقامة العدل، والمساهمة في نهضة الأمة. وقد دلت وقائع التاريخ، وركائز الفطرة على رغبة الزوجات والأزواج في الولد لتستمر الذرية، ويكثر الأهل والأقارب، ومن دعاء زكريا لربه حينما رأى الخيرات تترى على مريم (قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةٌ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ )

ومن شدة الرغبة في الولد نرى عبد المطلب جد النبي ﷺ يقول: إن رزقني الله تعالى عشرا من الولد لأذبحن أحدهم " فرزقه الله تعالى عشرا، وأقرع عليهم لذبح من تقع عليه القرعة، فوقعت القرعة على عبد الله والد النبي ، ففداه بمائة من الإبل، وإلى ذلك يشير قوله ﷺ : ( أنا ابن الذبيحين)، وهما أبوه عبد الله ، وأبو العرب إسماعيل القيم . ومجيء الولد يمتن روابط الأسرة، ويوحد أهداف الأبوين، ويدفعهما إلى السعي والعمل، وينشر في الأسرة الطمأنينة ، والهدوء، والرضى. ومن حكمة الله تعالى ورحمته تشريع الميراث، ففيه توزع التركة على الأبناء غالبا، لأن ذلك يطمئن الآباء على أموالهم لأنها تنتقل إلى أولادهم وذرياتهم، ويشعرون بذلك أن أموالهم معهم، ولن يأخذها غريب عنهم. وقد حاولت بعض النظم الأرضية جعل المال شائعا بين الناس ففشلت فشلا ذريعا، وقل الإنتاج، وضعف العمل، لأن الإنسان لا يحب العمل لغيره، فعدلت عن قرارها .. وقد أحاط الإسلام ولادة الولد بالبهجة، والاستقبال الحسن، وشرع له أساسيات التربية الطيبة في نفسه، وفي الجو المحيط به وهذا ما سأتناوله في الفصول التالية - إن شاء الله تعالى.

09
الفصل الأول: الأعمال الشرعية لاستقبال الوليد بعد تمام الحمل

يستمر الجنين في بطن أمه تسعة أشهر ، وقد يقل أو يزيد عن ذلك، وقد سبق بيان ضرورة العناية به وهو في بطن أمه ، لارتباطه بها في غذائه وعواطفه، ومكوناته الشخصية، فهو يتغذى مما تأكل، ويشاركها في مشاعرها، ويتأثر بأحاسيسها النفسية ، وتقلباتها الإدراكية ، ويشاركها فيما تشعر به .

وبعد تمام تكونه في بطن أمه يخرج بتقدير الله تعالى، ليبدأ عمره في الحياة الدنيا، وهنا يأمر الله تعالى والديه، أو من يقوم مقامهما بأعمال شرعها لهم، يقومان بها مع المولود مباشرة، أو مع المحيط الذي سيعيش فيه شكرا الله تعالى على الهبة الغالية التي وهبها لهما، وكلفهما بتربيته على الصلاحوالتقوى، والبدء بأعمال رمزية تشير إلى المنهج الواجب إتباعه في التنشئة والتكوين. 
إن اهتمام الإسلام بتشريع أمور عقب الولادة مباشرة تعني رسم الإطار الكلي الذي سيربى عليه الولد ، والإشارة إلى القصد المؤكد لطاعة الله تعالى، وتطبيق تعاليمه بعد ولادة الولد، وإعلان أملهما في تربية ولد صالح، يعينهما على طاعة الله تعالى، ويدعو لهما بعد موتهما، ويستقيم على دين الله تعالى.

10
الباب الرابع: صناعة الطفولة في الإسلام

بعد تمام استقبال الولد، وقيام الوالدين والأولياء بحسن استقباله ، وتحديد هويته الدينية، والنفسية، والحياتية والأسرية ، يبدأ التطبيق العملي في صناعة طفولة مستقرة تؤدي إلى تخريج أناس صالحين. إن الطفولة مرحلة عمرية تبدأ بعد الولادة مباشرة ، وتستمر حتى مرحلة الرشد والرجولة. ومرحلة الطفولة هي مرحلة التنشئة والتكوين، وفيها يأخذ الولد معارفه ، وسلوكه من المحيطين به، فيعيش مع أبويه في مراحل الطفولة المبكرة يمدانه بالغذاء الجيد، والرعاية الحسنة، والعادات الطيبة، وتبدأ مرحلة الطفولة بفترات عدم الوعي أثناء الرضاعة والحضانة، ثم ينتقل الطفل إلى مرحلة الطفل الواعي، ويختلط بأقرانه في الملعب، والمسجد، والمدرسة، ومنهم ومن والديه يأخذ الخلق والسلوك، وتتضح أمامه العادات والتقاليد إلى أن تنتهي مرحلة الطفولة جميعها، وينتقل بعدها إلى مرحلة النضج والشباب، وتعود أهمية مرحلة الطفولة إلى أنها تمد الطفل بأساسيات شخصيته بصورة تلقائية، وتأخذه إلى المنهج المقصود من هذه الأساسيات، إلى أن ينتقل بعد ذلك إلى مرحلة الشباب، والمراهقة بخصائصها، وصفاتها

إن الطفل بعد ولادته لا يعلم شيئا، ولا يطلب أمرا، ويلهمه الله الإحساس بالجوع، ويسعى بفمه للبحث عن الشبع ، ويتعلم مص ثدي أمه ليشرب اللبن الذي يتحفز للخروج، وتبدأ مرحلة الرضاعة إلى نهايتها، لتبدأ مرحلة الحضانة التي تتميز بسعة إدراك الطفل، وحاجته إلى الرعاية العقلية والنفسية، والخلقية، ولذلك شرع اللّٰه تعالى الولاية على الطفل في حياته بعد مولده إلى أن يصير مكلفًا راشدًا ، وبهذا تتكامل شخصيته ، ويصير رجلًا مسؤلًا عن نفسه.

11
الفصل الأول: رضاعة الطفل

يخرج الطفل من بطن أمه بعد تمام حمله، ليبدأ عمره بمرحلة الرضاعة التي يكون غذاؤه فيها باللبن الذي يتناوله من أمه، أو بلبن من يقوم مقامها إن تعذر على أمه القيام به، أو بأي وسيلة أخرى ومرحلة الرضاعة مرحلة أساسية، لأن الطفل في حاجة ماسة إليها، فهي الطريق الذي قدره الله تعالى له للحصول على طعامه . ومن رحمة الله تعالى بالولد تهيئة غذائه باللبن ، .... فلقد كان في بطن أمه يتغذى عن طريق الحبل السري الذي يأتيه بالغذاء من جسد أمه ، وبعد الميلاد يلهم الله تعالى الوليد أن يحرك فمه لإلتقام ثدي الأم ، ومص اللبن منه، وفي نفس الوقت تشعر الأم بحنين ثديها لإخراج اللبن الذي تجمع في ثديها طوال فترة الحمل، وتشعر بالألم من بقاء اللبن مخزونا فيه، وبذلك تتلاقى حاجة الوليد مع حاجة الثدي لتتم الرضاعة بصورة طبيعية، تهيأ لها الوليد، وتهيأت لها الأم من غير بذل جهد منهما . ويستمر الوليد مدة الإرضاع في رعاية أحكام شريعة الله تعالى التي حددت له ضرورة الارضاع، والعناية والرعاية على الوجه المناسب لينمو جسده، وتتضح مدارك عقله، وتتحرك مشاعره للجمال والحنان.

12
الفصل الثاني: حضانة الطفل ورعايته

تنتهي مرحلة الرضاعة عند استغناء الطفل عن المرضعة، وتمام الرضاعة حولين كاملين، ويجوز الفطام قبل عامين تبعا لنموه وحاجته، واستغنائه عن الرضاعة، حيث تبدأ مرحلة الحضانة، وفيها يحتاج الوليد إلى رعاية أوسع ، وعناية أكبر، وتوجيهه إلى قيم الإسلام ، وحسن العمل والسلوك بما يناسب قواه، ومداركه .

والحضانة ضم شيء إلى الحضن، والمراد بالحضن الصدر أو الجنب أو ما بين العضدين ، يقال حضن الطائر أفراخه واحتضنها أي ضمها إلى جناحه، وحضنت الأم طفلها إذا ضمته إلى صدرها، أو جنبها. 
والحضانة تعني الرأفة، والشفقة، والعناية والتربية، وهي بهذا المفهوم تبدأ مع الطفل بعد مولده ، لأن أمه تحضنه، وترضعه، وتتكفل به، إلا أن الفقهاء جعلوا الحضانة مرحلة من مراحل الطفولة تبدأ بعد مرحلة الرضاعة أي بعد عامين من الولادة على الأكثر ، وتستمر إلى مرحلة الرشد والتكليف، وهذا تقسيم منهجي لبيان الأحكام الشرعية لكل مرحلة على حدة، والواقع يدل على أن الطفل في مرحلة الرضاعة يحتاج إلى الحضانة بمفهومها اللغوي، لما تشمله من شفقة ، ورأفة، وعطف، وتحمل المشاق،  والأم وهي ترضع ولدها يزداد حبها له، وترتبط به عاطفيا، ولذلك فهي أحق بحضانته من غيرها .

13
الفصل الثالث: الولاية على الصغير

يخرج الولد من بطن أمه وهو لا يعلم شيئا، ولا يدرك أمرا، ثم يأخذ في الإدراك شيئا فشيئا، ويستمر ضعيفا محتاجا لغيره إلى أن يشب فتى عاقلا ، راشدا ، يعتمد على نفسه، ويقضي حوائجه دون اعتماد على غيره . وبعد مرحلة الرضاعة كان تشريع الحضانة وهي المرحلة التي تلي الرضاعة وتستمر إلى أن يتميز الطفل، ويستغني عن النساء ليتولى شئونه الولي، والرضاعة والحضانة تعتمدان على سلطة امرأة في الغالب، تقوم على شئون الولد منذ نزوله من بطن أمه ، فتغذيه باللبن ، وتحيطه بالحنان ، والعطف، وتزرع فيه حب الخير ، وتعوده على العادات الحسنة .

ولابد للصغير من ولي ينفق عليه، ويحافظ على أمواله، وينميها، ويعمل على تربيته، ويعلمه شيئا من القرآن الكريم، ومكارم الأخلاق، ويربيه على الرجولة وحب العمل ونصرة الدين. وصلة الولاية بالرضاعة والحضانة وثيقة ، فالولي ينفق على المرضع ويقوم بتعيين والحاضنة، ويشرف على إيفاء الصغير حاجته كلها ، ... المرضعة والحاضنة إن ألم بمن تقوم بهما أو بأحدهما مكروه يمنعها من استمرار ما تقوم به کمرض، أو عجز، أو وفاة، والولاية أثناء الرضاعة والحضانة تعمل على رعاية شئون الصغير التي لا تقوم بها المرضعة أو من يقوم بالحضانة، فإن كان له مال تحافظ عليه وترعاه، وتنفق منه عليه، وعلى من يرضعه، ويحضنه، كما تتولى رعاية نفسه، وتحميه من العدوان، وتقوم بتربيته ، وتعليمه ، وإرشاده لكل ما يصلححاله لينشأ شابا صالحا ، يعيش مع الآخرين مؤديا لكل واجب مشروع .

14
الفصل الرابع: تكامل رعاية المحضون

إن مرحلة الطفولة هي مرحلة الضعف الأولى التي يعيشها الإنسان وتبدأ بعد مولده، وتمتد إلى بداية مرحلة القوة، وهي مرحلة الرشد والبلوغ والتكليف وقد اشتملت الشريعة الإسلامية على جميع حاجات الطفل منذ مولده ، فأمرت بإرضاعه، ورعايته، وتوجيهه في حدود إدراكه العقلي، وميوله الروحية والعاطفية، وأمرت بحضانته، وخدمته إلى أن يستطيع خدمة نفسه والاستغناء عن غيره في مأكله، وملبسه، وشئون نفسه، وأمرت الشريعة الإسلامية بتعيين وال يلي أمر الصغير ، ويحافظ على مصالحه وأمواله .

وشرع الإسلام هذه الولاية على الصغير منذ مولده ليكون الولي عونا للمرضعة، وللحاضنة على القيام بما يجب عليهما، وينفق عليهما، ويساعدهما في المحافظة على صحة الطفل، وتعليمه، وتستمر الولاية بعد انتهاء الرضاعة ، والحضانة ليواصل الولي دوره مع الطفل، ويجتهد في تكوينه الذاتي والاجتماعي بما يرضي الله تعالى ورسوله ، فيغذي جسده وينميه، ويفتح مداركه العقلية، ويفهمه واجبه نحو نفسه، ونحو أهله، وأقاربه، والناس من حوله، ويرشده إلى عالم الغيب، ويعرفه بالبراهين الدالة على حقيقة الإيمان، ومعرفة الله تعالى، ويعوده الذكر، وحفظ القرآن الكريم، وحب الاستقامة والطاعة، ويوجه روحه نحو إدراك المعاني الجميلة، والقيم السامية، والأخلاق النبيلة، وحب الله تعالى، وحب رسوله، ويستمر الولي في رسالته مع الطفل حتى يوصله إلى المجتمع إنسانا حسنا في صحته، وفطرته، وروحه ووجدانه، ومعه ماله وقد نما وازداد. فإذا بلغ الغلام راشدا يتولى أمر نفسه، وماله، مؤديا للواجب، ومتمسكا بالحق، يعيش مع الناس إنسانا مسلما يتعلم ويعلم، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويتحمل مسئولية الأمانة كسائر المؤمنين، ويقوم بالدعوة إلى الإسلام بقدر استطاعته

إن الولي قبل بلوغ الصبي يقدم له مفاتيح الشخصية المسلمة الكاملة ، فيعرفه بأركان العقيدة، ويعلمه العبادات، وأحكام الإسلام وبخاصة تلك التي يحتاج إليها، ويعوده التعامل مع الناس، والمشاركة في الأمور العامة والاهتمام بمصالح الناس، ودوره معهم، ومعرفة كيفية الحكم والاختيار في القضايا الآنية والمستقبلية، ويلحقه بمدارس العلم ومؤسساته، ويحفظه القرآن الكريم، ويدفعه إلى الاختلاط بالقرناء الصالحين، ويبعده عن الأراذل والسفهاء ، ..... وهكذا يبدأ الطفل مرحلة البلوغ راشدا مستفيدا بهذه المواريث الطيبة، ومستقيما على منهج الله تعالى، ولا يصح ترك الولاية على الصغير إلا إذا تأكد الولي من بلوغه راشدا، عاقلا بعد ظهور علامات البلوغ، وهي الاحتلام ونبات الشعر الخشن حول القبل ، وغلظ الصوت ، وانفراق أرنبة الأنف، وقد اعتبر الشارع من هذه العلامات علامتين اثنين هما الاحتلام والإنبات.

15
الباب الخامس: دقة صناعة الإنسان المكلف

قدر الله تعالى لآدم عليه السلام ، وبنيه أن يعمروا الأرض، وينتشروا خلالها، ويتعاملوا مع مكوناتها، ويستفيدوا بالمخلوقات الموجودة فيها، كما عرفهم بما فيها من غرور مادي، وعداوة شيطانية ، وخصومات حول مغانم الدنيا وزخارفها، وأرسل لهم الرسل بين الفينة والفينة لتعليمهم منهج النجاة في الدنيا والفوز في الآخرة ، وختم الله وعلى الرسل والرسالات بدين عام للجميع، وخالد إلى يوم القيامة حمله للناس خاتم الأنبياء والمرسلين محمد ، فقد بعثه الله ( شَهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ) .

لم يترك الله تعالى الإنسان يعيش في الطين الذي صوره منه، وإنما آمده بالعقل والروح، ووضعهما في صورة آدم الطينية ليتميز بهما عن سائر المخلوقات في الإدراك، والفهم، والعلم، والنظر، والاستنباط، والقرار والاتصال بالملا الأعلى ... وقدر الله تعالى للعقل أن يقرر للطين مساره وحركته، ويأخذ منه منطلقات فكره ، وأساسيات مداركه ... وقدر للروح أن تأخذ الإنسان إلى الله تعالى، وترضي العقل بالآيات، وتبقى باحثة عن الجمال، والكمال بعيدة عن ثقل الطين، وتأولات الفلاسفة.

قدر الله تعالى للإنسان سموا يعلو به عن المادة الطينية، ويرتفع به عن المدركات العقلية، فأودع فيه روحه التي تشده إلى الله تعالى، وتمكنه من السعادة في ملكوته، وتوصله إلى عالمها النقي الخالص . وهكذا صار الإنسان إنسانا بهيكله المادي، وفهمه العقلي، وسموه الروحي وقدر الله له الحياة بهذه الثلاثية العجيبة ليحيا بها في عالم الدنيا والآخرة . 

16
الفصل الأول: المحافظة على عناصر الإنسان

الإنسان هو الكائن المرئي العاقل في هذه الدنيا، ميزه الله تعالى بالعقل واختاره خليفة له، وسخر له الكون كله، ومكنه منه ، فجاب الفضاء، وزرع الأرض، وشق الجبل، واستخرج المعادن والحديد، وقضى الله تعالى بنهاية الحياة الدنيا لتبدأ الحياة الأخرى بعدها، وفيها يستوفي كل عاقل جزاء ما عمل في الدنيا .وقدر الله تعالى للدنيا أن تمتلئ بمخلوقات عديدة، عرفها للإنسان ليتعامل معها بما يحقق الخير له . ففي الدنيا إبليس وذريته ، فقد أنظرهم الله تعالى إلى يوم القيامة، وتركهم بين الآدميين للوسوسة ، والإغواء ، والإفساد . وفي الأرض ملائكة يرسلهم الله تعالى ، ويكلفهم بالتدوين والتسجيل ،والإعانة، والنصرة. وفي الدنيا توجد مخلوقات عديدة لخدمة الإنسان .

لقد كون الله تعالى الإنسان من الجسد ، والعقل، والروح، ليتعامل مع الموجودات ، ويتصل بالموجد سبحانه وتعالى، وأنزل الله تعالى الكتب، وأرسل الرسل لهداية الإنسان للحق، وتعريفه بالصراط المستقيم، وختم الله تعالى الرسالات والأديان بمحمد ﷺ، وبدينه الخاتم، وقدم للإنسان المنهج القويم الذي يصلحه، ويصلح له الحياة .

17
الفصل الثاني: نظام الإسلام في المحافظة على البدن

رأينا فيما سبق كيفية العناية بالولد ، والمحافظة عليه من وقت مبكر يبدأ عند التفكير في الزواج، وعند علوق النطفة ، وبعد خروج الوليد من بطن أمه إلى أن يصير مكلفا ، عاقلا، راشدا، ورأينا تفصيلات الشريعة في أحكام الرضاعة ، والحضانة، والولاية على نفس الصغير وماله للمحافظة عليه أثناء ضعفه وحاجته، ورأينا كيف حافظت الشريعة الإسلامية على بدن الصغير ، وراعت كافة حاجاته النفسية ، والعقلية، والعاطفية ، وأمرت بمراعاته .

والمحافظة على الإنسان لا تقف عند مرحلة الضعف والصغر ، وإنما هي شرع ممتد مع المكلف إلى أن يغادر الدنيا عند انقضاء أجله ، ولذلك شرع الإسلام ضرورة أن يحافظ الإنسان على شئون نفسه جميعا لينمو نموا متوازنا ببدنه وعقله وروحه، وعواطفه، ويعيش في الدنيا صحيح البدن ، خاليا من المرض، متمتعا بكل ما أنعم الله عليه به من زينة الحياة الدنيا في إطار المنهج الإسلامي ولذلك جاءت التكاليف الشرعية للمكلف ليحافظ على بدنه بعدما صار مسئولا ليتمكن من القيام بدوره في الدنيا ، ويسعد بعمله في الآخرة، والمحافظة على البدن تتحقق بتغذيته، وتنشيطه بالرياضة البدنية، والمزاح، والمؤانسة، ومخالطة الناس، والعناية بالصحة الوقائية ، والعلاجية .

18
الفصل الثالث: نظام الإسلام في المحافظة على العقل

يتميز الإنسان عن سائر المخلوقات بمزايا عدة ، أهمها وجود العقل الذي ينشأ مع البدن بسيطا مثله، ثم ينمو ويتطور حتى يصير عنصرا في الإنسان له أهميته، ويصبح الإنسان به إنسانا يخضع له الكون، وينهض بخلافة الله تعالى في الأرض .

إن العقل في الإنسان طاقة معنوية تظهر بآثارها فقط، أما حقيقتها وتكونها فهي سر من أسرار الخلق لا يعلمها إلا الله تعالى . وقد حاول كثير من العلماء والفلاسفة على تنوعهم وتعددهم اكتشاف حقيقة العقل، والوصول إلى كنهه، والمعرفة كيفية قيامه بعملية التعقل والإدراك، والتذكر ، والقرار، وطرق محافظته على ماضي الإنسان ومعارفه ، فعجزوا عجزا كليا ، واكتفوا بالكشف عن وظائف العقل، ووضع أحسن الطرق لرقيها، والتسامي بها ، وحصروا جهدهم في معرفة آثار العقل، وطرق الاستفادة به ، وصدق فيهم قوله تعالى : (وَيَسْتَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا)، وظهرت المناهج العديدة في ترقية العقل، وبنائه بناء حسنا ، ليفيد صاحبه ، وغيره من الناس، إلا أن القصور في المناهج التي وضعها العلماء قاصرة لأسباب عدة ... منها :تكليف العقل بأمور يعجز عنها، مثل البحث فيما وراء الطبيعة والكشف عن الغيب البعيد عنه بلا دليل وبرهان.

19
الفصل الرابع: نظام الإسلام في بناء الروح

اهتم الإسلام بالروح اهتمامه بالجسد والعقل، لما لها من أثر عليهما، واتصال بهما، فهي منهما تخرج، وإليهما تعود، ومعهما يكون الإنسان إنسانا، وقد تجلت عناية الله تعالى بالروح منذ اللحظة الأولى لوجود الإنسان، فهي الحياة في الخلية الأولى عند علوق النطفة، وهي هادية الجنين للغاية التي خلقه الله لها ، مكثت معه تتطور، وتنمو قبل الولادة وبعدها حتى صارت عنصرا فعالا للإنسان في كل أعماله العادية، والتعبدية ، وأصبحت طريقه إلى الله تعالى، وسبيله لإدراك المعاني النبيلة التي يتمناها الإنسان ويعمل لها، ويرجوها للتواصل مع الله تعالى، وليس للعبد إلا أن يطيع سيده، ويحبه، ويسعد بلقائه، ويتحرر من الارتباط به، وبخاصة إذا كان السيد يعطي ولا يأخذ، يرحم ولا يقسو ، يعلم ولا يجهل، غني لا يحتاج لشيء ، ...

إن الله له فرد صمد، متفرد بصفات الجلال والكمال، غني عن مخلوقاته جميعا، والعبودية لله تعالى في الدنيا تعني إنشاء مملكة الأرض بمنهج الله تعالى، والقيام فيها بخلافة الله لك ، وتطبيق دين الله تعالى في حياة الناس، ومع تحقيق العبودية، وإقامة الخلافة تنشط الروح، وتصل صاحبها بالله تعالى ، وتتحرك مع الخلافة الرشيدة لتظهر عظمة المنهج الإلهي في البقاء والتعمير.

20
الفصل الخامس: ترابط عناصر الإنسان

قد يتصور البعض أن تربية عناصر الإنسان تسير في خطوط مستقيمة يبتعد فيها كل خط عن غيره ، وهذا تصور غير صحيح ، ولا وجود له في الواقع ، فالتربية كلها تتم في كيان واحد ، والصناعة مع الإنسان كله تكون في وقت واحد ، فعمليات الجسد ، وصناعته تعمل مع صناعة العقل، ولا تتصادم مع صناعة الروح. فصناعة البدن، وتغذيته تتم لينهض مع عقله إلى عبادة الله، وتتمكن روحه من النظر والتأمل فيما يقوم به جسده، وما يذكره بلسانه، وما يعقله بلبه، وقد ورد عن عمار بن ياسر عنه أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول : ( إن الرجل ليصلي ولعله أن لا يكون له من صلاته إلا عشرها ، أو تسعها، أو ثمنها ، أو سبعها حتى انتهى إلى آخر العدد)، وتدريب العناصر المادية تتحرك في إطار المفاهيم العقلية ، وتسعى مع مقامات الروح في عبادة الله تعالى بلا تناقض ولا خلاف .

إن نظرة العقل وتأملاته الواعية تحيط الجوارح بالسكون ، وتربط الأعمال بالمفاهيم ودلالاتها، وتحقق للروح مدارج السلوك، وتنشطها في سعيها الله تعالى .وبشيء من التفصيل نعلم أن إحساس العنصر المادي هو بداية الإدراك العقلي، وأساس انطلاق الروح نحو الموجد العظيم .والبراهين العقلية تتوقف على العالم المادي وهي تدرك دقته، وجماله وغاياته، وتقر بقدرة الله المعجزة ، وألوهيته التامة ، وكماله الذي لا مثيل له، فهو سبحانه ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) .

إن كيان الإنسان كيان واحد مكون من جسد، وعقل، وروح، فليس هو جسم مستقل بذاته عن العقل والروح، وليس هو عقل منفصل عن الجسد والروح، وليس هو روح لا صلة لها بالجسد والعقل، هذا هو الواقع، والإسلام يقر بهذه الوحدة في الإنسان ، فيعطيه ما يحتاج إليه من عقيدة ومثل وصعود وترفع ، وجهاد وعمل . إن التنظيمات الأرضية البحتة لا يعالجها الإسلام منفصلة عن الكيان النفسي في مجموعه، فلا يعترف بأن هناك قوانين اقتصادية منقطعة عن مدارك العقل، أو أن هناك قوانين مادية لا تتصل بقوانين الروح.

21
الباب السادس: ركائز الإيمان في صناعة الإنسان

الركائز هي الدعائم والأسس التي يقوم عليها الشيء ماديا كان أو معنويا، فدعائم الإسلام هي الأسس الخمسة التي قام عليها، ودعائم الإيمان هي الوجود المخلوق في جنبات الدنيا كلها، ففي كل جزئية آية ، وفي كل حادث ركيزة تشهد بوحدانية الله تعالى وقدرته، وصفاته اللائقة بألوهيته سبحانه وتعالى .

وفي ثنايا هذا الكتاب رأيت الله تعالى في كافة مواضعه ..... رأيت الله وهو يبث في الجماد الروح والحياة . ورأيت الله له وهو يجمع الأزواج ، ويمدهما بوسائل الإشباع ، ويوجه أحلامهما لحب الولد وتمنيه . ورأيته وهو يربي الجنين في بطن أمه ، ويسكنه في مسكن آمن، ويربط تكونه بعواطف أمه ورأيته وهو يمد الجنين بالغذاء المناسب لحجمه، وحاجاته . ورأيته تعالى في إعداد الغذاء للوليد لبنا في ثدي أمه يبحث عن الخروج عند نزول الولد ورأيته سبحانه وهو يشرع للولد ما يصلحه في حياته كلها إلى أن يموت وآيات الإيمان موجودة في كل مخلوق، وهي في خلق الإنسان أوضح، وكل عاقل يدرك الآيات فيه، وفي غيره وهو ينظر ويفكر، ويتذكر، ويتخيل. وعليه أن يبحث عمن أعطاه غذاءه، وهيأه له؟ ... وعمن فضله بهذا على كل الكائنات ؟ ... وعن مكمن التعقل في ذاته، وعن سبب اختلاف الناس في الفهم والإدراك ؟

22
الفصل الأول: ركائز الإيمان في الخلق والإبداع

قدر الله تعالى للإنسان أن يوجد، فأوجده من عدم، وصنعه من الطين ، وصوره كما أراد، ونفخ فيه من روحه، فصار الطين بالروح إنسانا ، يعقل، ويفهم، ويدرك ، ويتحرك، ويعمل . وصار هذا التكوين الآدمي آية من آيات الله تعالى ، تشهد له بالوحدانية في التأليه، والصفات، والأفعال، وتوضح مكونات المخلوقات، ووظيفة كل منها في حركة الحياة، وسيادة الإنسان للمخلوقات الأخرى .

إن التأمل في لحظة الوجود الأولى للإنسان وغيره من الكائنات يؤكد ضرورة الإيمان بالله تعالى، وضرورة العبودية له، ويحتم الاستقامة على منهج الله تعالى مخلصين له الدين حنفاء وليس من ركيزة تدعو إلى الإيمان أقوى من ركيزة الخلق والإبداع الذي قدره اللّٰه تعالى للإنسان.

23
الفصل الثاني: ركائز الإيمان في سرعة الاستجابة والتغيير

يتنوع البشر وتختلف طباعهم، ومذاهبهم، وأخلاقهم، وبينهم تسعى الشياطين للإفساد، والإضلال، ... ووسطهم تنتشر الملائكة تنادي بالخير وتشهد على الناس، وتستغفر للصالحين. ومن هنا يختلف سعي الناس ، وتتنوع اتجاهاتهم ، واهتماماتهم ، يقول الله تعالى : ( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى )، ويقول : ( فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وسَعِيدٌ ) والإنسان المسلم العارف بمقامه الراغب في جنات النعيم يرى الطريق المستقيم الموصل إلى الله تعالى، ويبحث عنه، وينظر إلى الكون الفسيحوالآفاق الواسعة، والمخلوقات العديدة، فيرى الله تعالى، ويتبين بعقله أنه سبحانه هو الحق، ويتوافق بسرعة مع دعوات الخير، وعوامل الإصلاح ، يقول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَيفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُبْصِرُونَ )

إن روح المؤمن لا ترضى لطائف الشيطان أن يعشعش في العقل ، أو يقود البدن للهلاك، فتبصر العقل بنور الله تعالى، وتأخذ الجسد إلى طريق الله ، وتعيد المؤمن بكليته إلى الله ، ويغور الشيطان بلومه بعيدا عن المؤمن وهو حسير. إن المؤمن لا يستريح مع الظلام، ولا يرضى بالظلم ، فإذا اقترب منهما أسرع بالبعد عنهما بأمر في نفسه ، أو بتوجيه من خارجه، فهو على نور من ربه، فيحب الله تعالى ورسوله ، ويرضى بما قدر له، ويتيقن بقول الله تعالى : ( اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ ءَامَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ )

24
القصل الثالث: ركائز الدعوة في إشباع العواطف المتعارضة

يتعامل الجسد مع الواقع الذي يعيش فيه ، فيأكل من طعامه، ويشرب من مائه، ويتخذ عملا يلائمه، ويتألف مع عادات الناس وتقاليدهم . ويأخذ العقل مفاهيمه من الواقع، ويختار طريقه انطلاقا منه، ويستدل على ما غاب عنه مما يرى ويسمع، وتأخذ الروح العقل في مجالها الواسع ، فتذكر الماضي البعيد، وتريه الحاضر القريب، وتستبشر بالمستقبل وبما فيه من آمال وأحلام . وتستمر الروح في تفاعلها مع العقل خلال عواطف نفسية عديدة، ومن عجيب هذه العواطف أنها كامنة في النفس، ولها تأثير على العقل والجسد ، فالحزن يؤلم العقل، ويؤذي الجسد، والحب ينشط الجوارح، ويحيي الروحويقوي العقل والأمل، ويشجع على النشاط والعمل، ويمتن الفهم واليقين .

ومن عجائب هذه العواطف الساكنة في نفس الإنسان أنها متعارضة وتبحث عن الإشباع، وتأبى السكون والعدم، وتستمر في الضمير والقلب. يولد الطفل وفي نفسه هذا التعارض، فهو يحب الدفء في صدر أمه، ويقبل على الرضاعة، ويحب من يلعب معه، ويقبل عليه، وفي نفس الوقت يخاف الصوت العالي، ويكره من يقسو عليه، ويقاطع من لا يلاعبه والإنسان البالغ المكلف يخاف الفقر، والعجز، والموت ، ويحب الاستقرار، والغنى، والحياة .. هذا التعارض العاطفي موجود في النفس البشرية كثيرا ، ففيها الغضب والرضى، وفيها اليأس والأمل ، وفيها الطمع والقنوط، وفيها الواقع والخيال وفيها الميل للسكون، وحب النشاط والحركة ، وفيها الشجاعة والجبن ، وفيها تعارض كامن بالنسبة لكافة العواطف الباطنية . ومن رحمة الله تعالى بالإنسان ربط هذه العواطف بالواقع الذي يعيشه الإنسان، فأوجد لكل عاطفة ما يرضيها، ويأخذها إليه حتى لا يكبت عاطفة أو بجميع المتعارضين في شيء واحد، فتحول التعارض إلى تعاون والتقاء فأوجد الجن والملائكة ، وخلق الخير والشر ، وجعل الظلمات والنور ، وقدر سبحانه ظهور العواطف مع ما يناسبها في الواقع ، وبذلك يستفيد الإنسان بعواطفه كلها، ويعيش إنسانا متوازنا سليما، فهو في حال يعشق العمل، ويتعلق بمحبوبه، ويهيم بالملأ الأعلى، ويتمنى النور العظيم، ويرجو رغد الحياة في عطاء الله تعالى ، وسبحات الروح.

25
الفصل الرابع: الإنسان وركائز الإيمان

إن من ينظر لطفل عند مولده، ويتأمل ما فيه من خصائص لا يرى شيئا أبدا، ولا يجد إلا قطعة من اللحم والعظم لها شكل إنسان صغير . ولو نظر إلى هذا المولود بعد بلوغه سيرى إنسانا مختلفا عن صورته يوم مولده ، .... ولو نظر إلى الأحداث التي مرت خلال النظرتين سيدرك قدرة الله تعالى في هذا الوليد، ويرى نعم الله تعالى فيه ، ويلمس القدرة الإلهية التي أبدعت، وكونت، وحافظت على هذا الكيان، ويرى ذلك في سائر المخلوقات ، .... وعليه بعد ذلك أن يؤمن بالله تعالى يقينا، ويستسلم له خاشعا، ويطيعه خاضعا مستقيما ، وينادي ربه ( رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِي مِن لَّدُنكَ سُلْطَنَا نَصِيرًا) .

إن التأمل في الخلق والإبداع يؤدي إلى معرفة الله تعالى وتدبر عملية التعقل، والتذكر، والتخيل يوصل إلى الله والسياحة في ملكوت الله تعالى تحقق التيقن وماذا على الإنسان بعد ذلك ؟ ... عليه أن يكون عبدا مطيعا لربه، وعارفا بآلائه ونعمه، ومنتظرا لحسابه وما حال الإنسان اليوم ؟ ... لقد أصيب إنسان اليوم بالجمود والجحود وهو لربه خصيم مبين ولتعاليمه غافل لتيم

26
الخاتمة

وبعد .. فقد أعانني الله تعالى وعشت مع عنايته سبحانه وتعالى بالإنسان في مراحل صناعته ليكون إنسانا مكلفا، ينال ما هو له من حقوق، ويؤدي كافة ما عليه من واجبات، وذلك من خلال مراحل صناعته التي بدأت مع والديه قبل زواجهما، واستمرت في فترة حمله، رضاعته، وحضانته، ولم تتركه أبدا في صغره ، وبعد شبابه وقوته إلى أن يلقى ربه .

وحاولت خلال الكتابة إظهار قدرة الله تعالى التي رحم بها الإنسان ورزقه المكونات الحسية، والمعنوية التي يعيش ويتمتع بها إلى أن يعود إليه في الآخرة . ولم أفرق في كلامي بين الرجل والمرأة ، فهم سواء في دين الله تعالى ، وكلاهما يرتع في نعم الله تعالى . والأمل .. أن يعود الإنسان إلى نفسه ليرى قدرة الله ، ويشاهد آياته في عناصره، ويذللها لخالقها، ويدفعها إلى طاعة الله تعالى التي يتم بها كل خير في صفاء وإخلاص وحسن .

الى الاعلى