الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد .. فقد هداني الله ووفقني إلى سلوك طريق العلماء، والتشبه بهم في خدمة الإسلام، والدعوة إليه بالكلمة الصادقة، والبحوث الهادفة، وكان آخرها موسوعة النظم الإسلامية التي بدأت بالكتاب الأول الذي جعلته مدخلا السائر النظم ، فقد بينت فيه أن النظم هي الإسلام ، سواء كانت نظما كلية أو فرعية، لأنه من الممكن وضع أي مسألة حياتية في إطار نظام يجمع جزئياتها، ويضعها في إطار واحد منسق، كما فعل فقهاء المذاهب، وعلماء العقيدة والأخلاق، ووضحت في هذا المدخل حقيقة أن مصادر الإسلام كما فصلها العلماء والفقهاء والدعاة هي مصادر النظم، وخصائصه هي خصائصها، وواصلت البحث، فأخرجت : نظام الإسلام في صناعة الإنسان، ونظام الإسلام في تكريم المرأة، ونظام الإسلام في الدعوة إلى الله تعالى .. ووجدت نفسي أمام القرآن الكريم المصدر الرئيسي للإسلام، فهو الأساس الذي تأخذ منه النظم أصولها، ومشروعيتتها، وتحدد حقيقتها ومنهجيتها.
وهنا رأيت ضرورة تحديد مكانة القرآن الكريم في حياة المسلمين، والواجب عليهم معه أفرادا وجماعات، وهالني بعد أغلب المسلمين عن حق القرآن الكريم، فلقد أهملوه في دساتيرهم وقوانينهم، وبعدوا عن واجباتهم معه في سلوكهم وأعمالهم ولم يتخذوه منهج حياتهم ونشاطهم، .... فأحببت أن أبين النظام المشروع الذي وضعه الله تعالى في كيفية تعامل المسلم مع القرآن الكريم فقد آمن بالله ربا، وبمحمد رسولا، ورضى بالإسلام دينا، وصدق بالوحي المنزل على النبي -والتزم به أمام نفسه، وأمام الله تعالى، وتعهد أن يتخذ القرآن الكريم منهجا لحياته، وطريقاً يسلكه في عقله، وقوله، ونشاطه كله.
وتبين لي أن بعد المسلمين عن أحكام القرآن الكريم ، وإبعادها عن الواقع التطبيقي الحياتي هجران للقرآن الكريم ذاته، يؤدي إلى نقص الإيمان، وإهمال الشريعة، وفساد الأخلاق وكنت في البداية تواقا لكتابة هذا البحث عن القرآن الكريم، فكتبت عنوانه ثم توقفت أكثر من شهرين لمرض أصاب عيناي أجريت لهما عمليتين طبيتين، فشفيت بأمر الله تعالى، وكنت خلال مدة التوقف أجول بعقلي في موضوع البحث، وأتصور ضالتي أمامه، وكدت أتركه إلى غيره ، ولجأت إلى الله تعالى أن يهديني سواء السبيل، فالأمر أمره، والقدر قدره ، ولا قوة لمخلوق إلا بحول الله تعالى وقوته .