الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد ... فإني أشكر الله تعالى على ما أنعم علي بكرمه وفضله، وأثني عليه بأن أعانني على إخراج كتبي في العلوم الإسلامية المختلفة، وأرجو الله تعالى أن يوفقني ما حييت في خدمة الإسلام والمسلمين في كل مجال استطيعه، وأن يفتح أمامي مغاليق الفكر، ويهديني سواء السبيل. لقد عشت وقتا بعد انتهائي من إخراج كتابي " نظام الإسلام في تعامل المسلمين مع القرآن الكريم " أفكر في الموضوع الذي سأتناوله بعده ليكون الكتاب السادس في سلسلة النظم الإسلامية التي أخرجت منها عددا كان آخرها " نظام الإسلام في تعامل المسلمين مع القرآن الكريم "، وساقني النظر والبحث إلى مواصلة البحث في الحقوق التي شرعها الله تعالى للإنسان، وجعلها واجبة عليه، يؤديها لغيره، وينالها من غيره، يعيش بها في الدنيا، ويسعد بها في الآخرة .
إن الموجودات كلها خلق الله تعالى، أوجدها بقدرته ، وهداها لما خلقت له بعلمه وإرادته، ونظم حياتها بقدرته وشريعته، وجعل الإنسان راعيا لها، وخليفة له عليها، وقضى لكل موجود بأجل محدد ينتهي عنده عمره بلا تقديم أو تأخير، إن الموجودات انواع كثيرة، وأشكال عديدة، وعوالم متنوعة، وجميعها تتكامل في صورة عالم واحد متوازن متناسق يصور الحياة الدنيا في حركتها، ونشاطها، ومسارها المقدر لها، إن هذه الموجودات في توازنها تحمل في طياتها آيات دالة على وجود الله تعالى، الواحد الأحد، مالك الخلق، وصاحب السلطان، ومعطي النعم، وله الحكم وإليه ترجعون.