Scalable business for startups

401 Broadway, 24th Floor New York, NY 10013.

© Copyright 2024 Crafto

مؤلفات
أ.د. أحمد أحمد غلوش

نظام الإسلام في تقرير حقوق الإنسان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد ... فإني أشكر الله تعالى على ما أنعم علي بكرمه وفضله، وأثني عليه بأن أعانني على إخراج كتبي في العلوم الإسلامية المختلفة، وأرجو الله تعالى أن يوفقني ما حييت في خدمة الإسلام والمسلمين في كل مجال استطيعه، وأن يفتح أمامي مغاليق الفكر، ويهديني سواء السبيل. لقد عشت وقتا بعد انتهائي من إخراج كتابي " نظام الإسلام في تعامل المسلمين مع القرآن الكريم " أفكر في الموضوع الذي سأتناوله بعده ليكون الكتاب السادس في سلسلة النظم الإسلامية التي أخرجت منها عددا كان آخرها " نظام الإسلام في تعامل المسلمين مع القرآن الكريم "، وساقني النظر والبحث إلى مواصلة البحث في الحقوق التي شرعها الله تعالى للإنسان، وجعلها واجبة عليه، يؤديها لغيره، وينالها من غيره، يعيش بها في الدنيا، ويسعد بها في الآخرة .

إن الموجودات كلها خلق الله تعالى، أوجدها بقدرته ، وهداها لما خلقت له بعلمه وإرادته، ونظم حياتها بقدرته وشريعته، وجعل الإنسان راعيا لها، وخليفة له عليها، وقضى لكل موجود بأجل محدد ينتهي عنده عمره بلا تقديم أو تأخير، إن الموجودات انواع كثيرة، وأشكال عديدة، وعوالم متنوعة، وجميعها تتكامل في صورة عالم واحد متوازن متناسق يصور الحياة الدنيا في حركتها، ونشاطها، ومسارها المقدر لها، إن هذه الموجودات في توازنها تحمل في طياتها آيات دالة على وجود الله تعالى، الواحد الأحد، مالك الخلق، وصاحب السلطان، ومعطي النعم، وله الحكم وإليه ترجعون.

01
الفصل الأول: الإنسان مخلوق مكرم

يهتم الإنسان في العصر الحديث بإيجاد السبل التي تمكنه من الاستفادة بسائر الكائنات الموجودة قريبة منه، أو بعيدة عنه، وقد توصل الإنسان المعاصر إلى تحقيق مكاسب عديدة في نظام حياته، وصيانة حقوقه، والاستفادة من جوانب الكون، وهذا فضل من الله تعالى، وهو فضل ممتد لنعم الله تعالى وعطائه على الإنسان، بدأ مع إيجاد آدم ، فقد أحاطه الله تعالى بالنعم ، وفضله على كثير من خلقه، وحدد له الصراط المستقيم، وأحاطه بالعديد من المخلوقات التي سخرها لتحقق له بأمر الله تعالى الحياة الطيبة، والوجود الحسن في عزة وكرامة في حياته، وإلى أن تنقضي الدينا وما فيها.

وفي هذا الفصل سيكون الحديث عن الإنسان كما كرمه الله تعالى في نشأته، وفي طاقاته وعناصره، وفي تسخير الكون له، وفي توجيهه في الدنيا ليحيا بمنهج الله تعالى، ويسعد في الآخرة برضوان الله تعالى، ويتمتع بحقوق قدرها الله تعالى له منذ إيجاده، وقررها دين الإسلام الذي ختم الله به الدين كله، وقد أثرت بدء البحث بالتعريف بالإنسان، ودوره في هذا الوجود، وبيان منزلته في هذه الدنيا، مع التركيز على تكريم الله تعالى له . 

02
الفصل الثاني: حق الله تعالى على الناس

الحق ضد الباطل، ويطلق في اللغة على الأمر الواجب الثابت لجانب ما، وقد تناول علماء التواصل الاجتماعي الحق الثابت للإنسان بمجرد وجوده ، أو بما يقوم به إزاء غيره من المخلوقات سواء كانت مخلوقات عاقلة، أو غير عاقلة، ولذلك تكلم العلماء عن حقوق الإنسان، وحقوق غير الإنسان .
إلا أن الإنسانية كلها مدينة بحق واجب عليها منذ وجودها على الأرض، وهو حق الله تعالى، فقد أكرم الله الله الإنسان بصورة شاملة، وأمده بالنعم والفضل على نحو ما سبق ذكره في الفصل السابق، وصار واجبا على الإنسان أن يقوم بحق الله تعالى شكرا لفضله ، وأملا بالفوز في الدنيا والآخرة.
إن حق الله تعالى ثابت ببراهين العقل ودلالات النص، وآيات الكون ليتمسك الإنسان بهذا الحق، ويقوم به على الوجه الصحيح بلا ريب ولا قصور.
ومن عظيم تقدير الله تعالى أن جعل حقه يعود أثره على مخلوقاته، فهو سبحانه غني كريم، وما خلق الخلق إلا ليعيش الناس، ويدركوا فضل الله تعالى ويتعودوا على أداء الواجب، ويحافظوا على ما يلزمهم من حقوق.
إن حق الله تعالى على الناس هو الحق الرئيسي الثابت، وبه تقوم كافة الحقوق.

03
الفصل الثالث: الحقوق الذاتية للإنسان

حقوق الإنسان عديدة، فمنها حقوق ترتبط بإنسانيته وحدها، وهي الحقوق التي قررها الله تعالى له منذ أن خلقه وأنشاه في الأرض، وأهمها حقه في الحياة، وصيانة كينونته البشرية، وحقه في الكرامة التي وضعه الله تعالى فيها، فقد كرمه الله تعالى وفضله على كثير ممن خلق، وحقه في الحرية التي تشمل نشاطه وفكره وعمله، وحقه في المساواة التي تجمع الناس في صعيد واحد.
هذه الحقوق الذاتية قدرها الله تعالى للإنسان بمجرد كونه إنسانا، وحثه على تفهمها، ودعت إليها سائر الرسالات عامة، وركز الإسلام عليها بوجه خاص، وقد شغلت هذه الحقوق العقل البشري في سائر الحضارات، وكانت سببا في حدوث صراعات كثيرة بين أفراد يتميزون بعقول ناضجة، ومروءات حية تنشد الخير، وتعمل للإصلاح، وبين آخرين تسيطر عليهم الأنانية، وحب السيطرة والغلب.

فعند العرب قبل الإسلام وجد الحكماء المصلحون الذين ظهروا باحثين عن الحق، ورافضين للفساد، وعقب الثورة الفرنسية صدر في عام ۱۷۸۹م ميثاق حقوق الإنسان التي تشمل الحرية، والمساواة ، والإخاء،  وفي عام ۱۷۸۷م صدر الدستور الأمريكي ليضمن الحرية، والمساواة والحياة.
وبقيت هذه الحقوق قاصرة على الأوطان التي ظهرت فيها حتى كانت الحرب العالمية الثانية، وبعدها وضعت منظمة الأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في ۱۹٤۸/۱۲/۱٠م وحددت حقوق الإنسان في الحرية، والمساواة والعدل، وطالبت بإنقاذ العالم من الظلم والاضطهاد .

وتابع ذلك ظهور اجتماعات أممية عديدة تنظم حقوق العمال، والمرأة والطفل، والعلماء، ورجال الدين والسياسة والاجتماع ، والقانون ، وتشكل هيئات مشرفة على تطبيق هذه الحقوق في العالم كله، وقد حاول العلماء والمسئولون المسلمون تكوين هيئات ومنظمات في البلاد الإسلامية على غرار الهيئات الموجودة في العالم الغربي لصياغة نصوص تعبر عن موقف الشريعة الإسلامية من الحقوق الإنسانية، فصدر الإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان في ۱۹۸۱/۹/۱۹م مصاحبا الأدلة الشرعية التي نزل الوحي بها منذ أكثر من أربعة عشر قرنا، ومحددا العقوبات المقررة لمن يعتدي على واحد منها، ولو كان هذا المعتدي جمعا .

04
الفصل الرابع: الحقوق الأسرية

لم يعش آدم طويلا وحده، فقد أخرج الله تعالى من جانبه الأيمن أنثى هي حواء ، وأمره أن يتخذها زوجة يسكن إليها في مودة ورحمة، وبذلك تكونت أول أسرة بشرية، ومن هذه الأسرة الأولى ولد البنون والبنات، وتكونت منهم أسر عديدة وفق ما شرع الله تعالى لهم، وظلت الأسر في تكاثرها، ونمائها، فتكون العالم، وانتشرت القبائل وتعددت الشعوب في الأرض، إن الأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمع، ولذا كان اهتمام الدين بالأسرة اهتماما بالعالم كله ، وإصلاح شئون الأسرة أصلاحا للناس أجمعين .

إن الأسرة تتكون من زوج وزوجة، ومن أبناء وبنات، يرون روح الأبوة في الزوج، وحنان الأموموة في الزوجة، وما من رجل في هذه الدنيا إلا وهو أب، أو ابن ، أو زوج ، وما من امرأة إلا وهي بنت، أو زوجة، أو أم، ومن عظمة الإسلام أن قدر كيان الأسرة ، ودعا إلى إقامتها على منهج الله تعالى ، وأحاطها بسياج متين من التشريع، وجعل لكل فرد فيها حقوقا ، وألزمه بواجبات معينة على قدر دوره معها حتى ترتقي الأسرة المسلمة بحقوقها، وينهض المجتمع بأسره وأفراده.

05
الفصل الخامس: الحقوق الاجتماعية في الإطار المحيط بالإنسان

لم يعش آدم طويلا وحده، فقد أخرج الله تعالى من جانبه الأيمن أنثى هي حواء ، وأمره أن يتخذها زوجة يسكن إليها في مودة ورحمة، وبذلك تكونت أول أسرة بشرية، ومن هذه الأسرة الأولى ولد البنون والبنات، وتكونت منهم أسر عديدة وفق ما شرع الله تعالى لهم، وظلت الأسر في تكاثرها، ونمائها، فتكون العالم، وانتشرت القبائل وتعددت الشعوب في الأرض.

إن الأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمع، ولذا كان اهتمام الدين بالأسرة اهتماما بالعالم كله ، وإصلاح شئون الأسرة أصلاحا للناس أجمعين، إن الأسرة تتكون من زوج وزوجة، ومن أبناء وبنات، يرون روح الأبوة في الزوج، وحنان الأموموة في الزوجة، وما من رجل في هذه الدنيا إلا وهو أب، أو ابن ، أو زوج ، ... وما من امرأة إلا وهي بنت، أو زوجة، أو أم، ومن عظمة الإسلام أن قدر كيان الأسرة ، ودعا إلى إقامتها على منهج الله تعالى ، وأحاطها بسياج متين من التشريع، وجعل لكل فرد فيها حقوقا ، وألزمه بواجبات معينة على قدر دوره معها حتى ترتقي الأسرة المسلمة بحقوقها، وينهض المجتمع بأسره وأفراده.

06
الفصل السادس: حقوق الضعفاء

الناس ليسوا سواء في تكوينهم، ومعاشهم، وثقافاتهم، وقدراتهم المادية، ففيهم العالم والجاهل، والغني والفقير، والبدوي والحضري، فقد خلقهم الله تعالى أشتاتا، وأنواعا، يقول الله تعالى: ( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى )، ومن رحمة الله تعالى في الخلق أن جعل التنوع سببا للتكامل، فالليل للراحة والسكن، والنهار للسعي والعمل، وجعل الشمس ضياء، والقمر نورا، والزوح للقوامة والإنفاق، والزوجة للحنان والإشفاق، يقول الله تعالى: (ومن كلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )، والتنوع في حياة الناس ظاهرة ثابتة في كل عصر ومصر، ففي كل موطن يوجد الغني والفقير، والصحيح والمريض، والقادر والعاجز، والصغير والكبير ،وهكذا تستمر الحياة، وينتشر الخلق في الأرض على نحو ما قدر الله لهم، يقول الله تعالى : ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، وقد جاء الإسلام صالحا لكل زمان ومكان ، فشرع لكل نوع ما يصلحه ويفيده ولذ كان تشريعه لحقوق الضعفاء من الناس ، وهم موجودون في سائر المجتمعات.

07
الفصل السابع: الحقوق العالمية

حقوق العالم هي حقوق الواجب على المسلمين تجاه الناس في العالم كله مع اختلاف أديانهم وثقافاتهم وبيئاتهم، وسبب هذه الحقوق أن الإسلام جعل الناس جميعًا أمة واحدة منذ أن بعث الله تعالى محمدًا برسالته العامة الدائمة، ونادى في الناس ( يَأَيَّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا )، وقد اتجه رسول الله وأصحابه الكرام للوطن كله إلى الله تعالى لنشر الحق والعدل، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور وتبعهم سلف الأمة على هذا الصراط المستقيم، وهو أمر واجب على كل مسلم إلى يوم القيامة، ولو أنصف الناس، واستقاموا لعاشوا وحدة واحدة متعاونين على البر والخير، ولقهروا عبث الشياطين، وأراجيف المضلين المفسدين.

إن الإسلام يجمع الرسالات السابقة في قادم الأيام، ويخلصها من الشوائب التي لحقت بها، ويكملها بما يحتاجه الناس بعد تطورهم، ووصولهم إلى الكمال العقلي الرشيد، إن الإنسان في العالم اليوم إما أن يكون مسلمًا، وإما أن يكون غير مسلم، وهو في كل حالاته محل رعاية الله تعالى، لأنه فرد في أمة الدعوة، وله الحق الثابت، لقول الله تعالى لرسوله - : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً عَلَيْهِ )، ولقول النبي ﷺ : (وكان النبي يبعث إلى قوم خاصين ويبعث إلى الناس كافة ).

08
الفصل الثامن: ضمانات الإسلام لتحقيق حقوق الإنسان

النظام أساس الوصول للغايات المقصودة، ولذلك كان لكل مجتمع من الناس نظام يعيشون به لتحقيق ما يريدون، وجاءت الرسالات الإلهية بنظم اتبعها الرسل للوصول إلى هداية العباد إلى مراد الله تعالى، وأثبتت التجارب البشرية، والتوجيهات الإلهية ضرورة النظام منعا للفوضى والعبث، وصدق من قال : لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا نجاح إذا جهالهم سادوا - إن الناس ليسوا صورة واحدة، فمنهم الذي يحب النظام، ويلتزم به ويراه الطريق المستقيم الموصل للهدف المقصود ، ومنهم الفوضوي الذي لا يلتزم بنظام، ولا يخضع لقانون، ومنهم من يبذل جهده ليتحايل على ترك النظام بمزاعم لا أساس لها

وحتى تتحقق الغاية المقصودة لأي نظام كان من الضروري اتباع منهج يسير عليه الناس، وتشرف عليه سلطة حاكمة، وقد تكون هذه السلطة ظالمة، وقد تكون عادلة، ولذلك أمر الله تعالى باختيار سلطة عادلة، تقوم بحماية الدين، وصيانة الدنيا وفق شرع الله تعالى عن طريق وضع مؤسسات تبني الضمير والخلق، وتعلي قدر الإيمان في العمل والنشاط ، وتعاقب الظالمين المعتدين، إن الإسلام نظم حقوق الإنسان التي تشمل حريته ، وحياته، وكرامته وحدد من خلال هذه الحقوق الصورة الحسنة في التعامل مع كل إنسان مهما كان دينه ، وموطنه، وحالته في القوة والضعف، والقرب والبعد.

09
الخاتمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد ... فقد أعانني الله تعالى، ووفقني في دراسة حقوق الإنسان في هذا المؤلف الذي بدأه بالتعريف بالإنسان الذي أكرمه الله تعالى وفضله على سائر المخلوقات، واختاره خليفة، وسخر الكون لخدمته.

وبعده، توضيح حق الله تعالى، فهو صاحب الفضل، وهو الموجه للحقوق السائرة، والداعي إلى وضعها في عالم الواقع، وهو ما بينه وبين الحقائق، والموضح لمزاياها وآثارها، وإقرار بحق الله تعالى هو المنطلق لكافة الحقوق بعده.

الى الاعلى