Scalable business for startups

401 Broadway, 24th Floor New York, NY 10013.

© Copyright 2024 Crafto

مؤلفات
أ.د. أحمد أحمد غلوش

نظام الإسلام في الحكم والسياسة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد ، فها هي الطبعة الثانية لكتابي " النظام السياسي في الإسلام " أقدمها بعد نفاذ الطبعة الأولى بفضل الله تعالى، وهذه الطبعة تحافظ على جوهر الطبعة الأولى، ولم أرد عليها إلا بشيء من التنقيح وبخاصة في الفضل الرابع وموضوعه " فقه الخلافة " لأني أردت إحاطة القارئ بمنهج الإسلام في إقامة الحكم الرشيد، واظهار ما في تشريع الإسلام السياسي من دقة وسبق، وبخاصة في طرق اختيار القادة، ووضع مواصفات لمن يتولى العمل العام، وتحديد المسئوليات والاختصاصات في كل مجال، ولعلي بذلك أذكر المسلمين بما في دينهم من نظام يمكنهم إذا أخذوا به أن ينهضوا مرة أخرى ويكونوا في مقدمة الأمم والشعوب .. إن أمر الحياة لن يصلح إلا بما صلح به أولها، وكما أقام السلف الصالحدولة الإسلام بخصائصها، وأهدافها تقوم أمة معاصرة وتنهض بنفس المنهج والطريق ولا يليق بمسلم أن يرى غير المسلمين يستفيدون بمنهجية الإسلام في العدل والحكم، والعمل  وبينما هو محروم منها. إن المنطق يحتم التمسك بكل مفيد نافع، وترك كل ضار سيء، فهل يعي المسلم ذلك ؟؟ ويسارع إلى الخير، ويعمل الله، ويسعد مع تعاليم الإسلام في حياته وفي نشاطه وسائر عمله .. هذا ما أمله وأدعو الله والله ولي التوفيق .

01
الفصل الأول: أساسيات النظام السياسي في الإسلام

الدراسة العلمية دائما تبدأ بتحديد مجال الدراسة ليتضح الموضوع وتعرف أهميته، وتظهر الغاية من دراسته، ويحتاج كذلك إلى معرفة الجذور والأساسيات التي ينطلق منها، والمنهج المتبع في البحث والدراسة.

والنظام السياسي من أهم النظم وأخطرها لما له من تأثير في سائر النظم، والناس في أي مجتمع يحتاجون إليه، وسائر المذاهب والفلسفات تباهي بنظامها الذي تنظم من خلاله حركة الحياة والناس

وللإسلام نظامه السياسي الخاص به، المتميز بمصدريته الثابتة، وتطبيقاته المعلومة، وغاياته السامية لأنه شرع من الله تعالى، الذي أودع الدقة والحسن والجمال في كل ما خلق وشرع.

ومع تعرض النظم الإسلامية جميعا للهجوم، رأينا من يدعي أن الإسلام خال من النظام السياسي بدعوى أن الرسول ﷺ كان داعية فقط، وأن سلطته على أصحابه جاءت من خاصية الولاء بين المؤمنين ورسولهم، فهي ولاية الرسالة لا صلة لها بالحكم والسياسة.

وهذا كلام واه لا صحة له بالأدلة النظرية، وبالتطبيقات العملية في حياة المسلمين خلال عصر رسول الله والخلفاء الراشدين من بعده.

ان رسول الله ﷺ أقام دولة، ووضع أسس الحكم ومبادئه، وكان له مستشاروه ووزراؤه، وقواده، ووجدت الشورى في عهده وتم اختيار الخلفاء الراشدين على أساسها، ويمكن للباحث المنصف أن يعرف ذلك نظريا من خلال تفهمه للنصوص الإسلامية التي تحدد أسس الحكم والسياسة، ويمكنه أن يراه واقعيا بمراجعة تاريخ الإسلام في الصدر الأول.

إن الدراسة في هذا الفصل ستكون في القراءة النظرية للنظام السياسي في الإسلام، حيث تعرف القراءة بالمفهوم العام للنظام السياسي الإسلامي، وتبين مقومات النظام السياسي التي يعتمد عليها ويقوم على جوانبها، وهي مقومات ترتبط بالعقل والضمير، كما تتلاقى مع العمل والسلوك، ولذلك فهي مقومات عقدية إيمانية ومقومات اجتماعية عملية، وبعدها يكون الحديث عن دور الإسلام في قيام الدولة لتنتهي في نهاية الفصل إلى تقرير الحقيقة الثابتة، وهي أن الإسلام دين ودولة، وأن له نظامه السياسي المدعم بالمقومات التي أشرت إليها.

02
الفصل الثاني: دولة الإسلام في المدينة بعد الهجرة

الإسلام دين الله تعالى، نزل الوحي به على رسول الله محمد ﷺ على فترات امتدت ثلاثا وعشرين سنة، في مكة والمدينة وتعتبر الفترة المكية مرحلة دعوة خالصة اهتم فيها رسول الله ﷺ بتكوين الجماعة الإسلامية، وتربيتها على العقيدة الخالصة، ووضعها على الطريق المستقيم، الذي يقر فيه العبد بحق الله عليه، ويعرف حقه على الله، وعلى سائر الناس، وقد استغرقت فترة البناء العقدي المرحلة المكية كلها حتى استقرت، وثبتت وخرجت رجالا، ونساء تخلصوا من كل معايب الجاهلية، وباعوا أنفسهم الله تعالى، وعلموا عن يقين أن قدر الله قضاء نافذ، وأن التسليم والرضى عبودية صادقة، وأن الخير كله فيما أنزل الله، وفيما شرع.

لقد تحمل رسول الله ﷺ في مكة كثيرا من الأذى، وصبر على المشاق وبذل كل ما قدر عليه في دعوة الناس إلى الله تعالى حتى آمن به عدد قليل، صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وكانوا دائما تبعا لما أمرهم به رسول الله ﷺ، لقد كون الإيمان من المؤمنين في مكة جماعة متماسكة، متعاونة على البر والتقوى عاملة بدين الله تعالى، ملتزمة بطاعة رسول الله ﷺ وفي هذه الجماعة التقت القلوب والعواطف، وتوحدت في العمل والاتجاه، وتلاقت حول تعاليم الله التي جعلت منهم نواة خير أمة أخرجت للناس.

إن المسلمين في مكة لم يكونوا جماعة سياسية مستقلة لقلة عددهم، وعدم وجود أرض خاصة بهم، وتواجدهم في وسط أعداء يكرهون وجودهم بينهم، مع تعرضهم للأذى بمختلف صورة وألوانه .... ومع ذلك لم تغب عنهم فكره أن يعيشوا في مجتمع خاص بهم، ويتمتعوا بدولة يسودها، ويحكمها المؤمنون بشرع الله تعالى وبخاصة أن رسول الله ﷺ أملهم في ذلك، خلال توجيهاته لهم وتعليمهم أمور دينهم، واظهار بعض الأعمال التي لابد منها في طريق تأسيس الدولة مثل ضرورة طاعة الله ورسوله منبع المشروعية وأساس البناء، وموطن الحكم والسلطان، وأهمية الموالاة بين المسلمين لتنشئة الأفراد على الانخراط في عقد جماعي يجمعهم على حب الوطن، والولاء للدين الذي آمنوا به والالتزام بما شرع لهم من نظم العقود، والمعاهدات وغيرها وتأميل المسلمين في العيش في مكان يأمن فيه الإنسان على نفسه، ودينه.

03
الفصل الثالث: الخلافة الرشيدة

يعد بحث الخلافة الرشيدة من أهم أبحاث النظام السياسي، وبخاصة للمجتمعات التي ترفض علمانية الدولة، وتجعل الإسلام مصدراً رئيسياً للتشريع، وتعمل على إعادة أمجاد الأمة العظيمة، إن أبناء هذه المجتمعات تمتلئ قلوبهم بحب الله ورسوله، وترتبط أمالهم وأعمالهم بهدى الإسلام الحنيف، الذي يحدد لهم الصراط المستقيم، ويهديهم إلى سعادة الدنيا والآخرة، وحتى يكون المسلم على بيئة في هذه القضية الهامة، قضية الخلافة، كانت هذه الدراسة التي أرجو من رائها إبراز المسائل التالية :-

. أعرف بالخلافة في لسان علماء الأمة الذين كتبوا في النظام السياسي .

. تتبع بيعة الخلفاء الراشدين وبيان مدى تطابقها من القيم الدستورية الإسلامية، وبخاصة قيمة " الشورى "

. تطور نظام الخلافة بعد الخلفاء الراشدين

أسأل الله تعالى أن يوفقني فيما أكتب، وأن يجعل بيني وبين القارئ قبولاً، ومودة، ورضى ....... فهو سبحانه على كل شيء قدير.

04
الفصل الرابع: فقه الخلافة

فيما مضى من الفصول، والمباحث تحدثنا عن الأسس النظرية للحكم وتطبيقاتها في عصر رسول الله والخلفاء الراشدين من بعده، وذكرنا أن تطور الحكم في الدولة الإسلامية تغير كثيراً عن الواقع الإسلامي الصحيح وأدخل في حياة المسلمين نماذج للحكم غير ملتزمة بالمبادئ والأسس التي عاشها عصر السلف الصالح .

ولذلك أحببت أن أجعل هذا الفصل في دراسة فقه الخلافة، لأبين الأحكام الشرعية المتصلة بهذا الجانب الحيوي الهام بعيداً عن أخطاء التطبيق، وتغير النظام، ليكون الناس على بيئة من أمرهم، ويتضح الحق، ويظهر الصواب .

05
الخاتمة

الحمد لله على أن أعانني ووفقني في إتمام هذه الدراسة الموجزة عن النظام السياسي في الإسلام، والذي أرجو من ورائه تحقيق الغايات التالية :

أولاً : تأكيداً الحقيقة الثابتة في أن الإسلام دين ودولة وهي الحقيقة التي يحاول أعداء الإسلام طمسها وإهمالها، تمهيداً لعزل الإسلام عن حركة الحياة .

ثانياً : تعريف القارئ بالسبق الإسلامي في تحقيق الأسس المدستورية في عالم الواقع منذ أكثر من أربعة عشر قرناً، يوم أن كانت الدنيا ظلاماً دامساً، لا تعرف ولا تسمع شيئاً عن الشورى وحقوق الإنسان .

ثالثاً : بيان تمسك المسلمين في عصر السلف بالإسلام، والتزامهم بتطبيقات نظمه جميعاً، وعلى رأسها النظام السياسي كما فعل الخلفاء الراشدون

رابعاً : إحياء روح الإعزاز بالإسلام، لاشتماله على كل ما يحتاجه الإنسان وكل ما يحقق له سعادة الدنيا والآخرة .

خامساً : وضع صورة صادقة للمجتمع الإسلامي الأول ليعلم الممعاصرون عسى أن تأخذهم الحمية الدينية ليعودوا لدينهم مدى بعدهم عن دولة الإسلام مرة أخرى

سادساً : إظهار روح التعامل والتجاوب بين المراعي والرعية في إطار المسئولية الدينية التي كلفهم الله بها .

هذا ما تمنيته من هذه الدراسة. وأسأل الله أن يفتح لها القلوب والعقول ليرونها حسنة، طيبة، وأعتذر عن أي تقصير وقعت فيه، وأسأل الله أن يغفر لي، ويسدد خطاى، فما أردت إلا الخير، فإن وصلت إلى بعض منه فالله يؤجرني، وإن عجزت فالله يغفر لي، وهو حسبي ونعم الوكيل .

الى الاعلى